الدبلوماسية الإيطالية | المكتبة الدبلوماسية

الدبلوماسية الإيطالية

ظهرت طلائع التمثيل الدبلوماسي الدائم في مطلع القرن الخامس عشر في ايطاليا ولا سيما في مدينة البندقية، حيث التطبيق الذي امتد إلى كل الجمهوريات الإيطالية، جنوا، ميلانو، فلورنس، وان البابا ليوف العاشر أسس في عام 1513 أول سفراء لدى المحاكم في ألمانيا، فرنسا، إنكلترا. كانت البندقية ترسل سفرائها إلى الجمهوريات الأخرى ليقيموا هناك فترة تتراوح ما بين ثلاث وأربعة اشهر. أما ميلانو فكانت أول من أرسل بعثه دائمة إلى جنوا في عام 1455. وعينت فينيسيا تاجرين يقيمان في لندن كمساعدي سفير هناك عام 1460 وبعد سنوات أنشأت الدويلات الإيطالية الأخرى سفارات دائمة لها في لندن وباريس ثم عينت بريطانيا سفراء دائمين لها في باريس في عام 1519. ثم اخذ التمثيل الدبلوماسي الدائم ينتشر بعد ذلك تدريجيا حتى شمل القارة الأوروبية بأكملها. لكن ما يجعل من " البندقية " المؤسس الحقيقي لما يعرف بالبعثة الدبلوماسية الدائمة هو كونها الدولة الوحيدة في ذلك العهد الذي نظمت بدقة الوظيفة الدبلوماسية وأسست ما يعرف " بالسلك الدبلوماسي " حيث بدأ يظهر دبلوماسيون بالمعني الحديث للكلمة.
وهناك العديد من العوامل التي ساهمت أساساً في بروز التمثيل الدبلوماسي الدائم هي : 
1- عامل المودة : حيث التأثير الكبير الذي مارسته في أوروبا وخصوصاً ذلك الذي تم إنتاجه في ايطاليا.
2- العوامل المالية: فالمديشيون، أسياد فلورنسا مثلوا الرأسمال الكبير في تلك الفترة وشكلوا قوة مالية في المقام الأول. وقاموا بإقراض المال إلى كل الملوك وأمراء أوروبا. وذلك من خلال وكلاء يشرفون على استعمالها أو إعلامهم بالسياسة العامة للإنفاق وأحوال دائنيهم، يضاف إلى ذلك فان الأموال التي أتت من العالم الجديد سمحت بمواجهة الاتفاقات الهائلة الأمر الذي تطلب المحافظة عليها من خلال سفراء دائمين.
3- العامل السياسي: إذ أن أفكار مكيافيلي دفعت إلى وجود سياسة واقعية مؤسسة على المعلومات الموضوعية. وان الاحتفاظ بالتوازن ما بين مختلف الدول يتطلب استخدام الدبلوماسية أكثر مما يتطلب استخدام القوة.

وقد تميزت الدبلوماسية الإيطالية بعدة خصائص أهمها:
1- الخداع والرياء والمراوغة وعدم الثقة والدس، فكان متاحاً مثلاً للسفير الإيطالي تدبير المؤامرات السياسية في البلد المبعوث إليها، وكان سفراء البندقية يشتركون في الاغتيالات السياسية للتخلص من خضوعهم.
2- كان توزيع الرشوات على ذوي النفوذ في البلاد الأجنبية من الأساليب المبتكرة للدبلوماسية الإيطالية.
3- كان يطلب من السفير الإيطالي المحافظة على أسراره الخاصة مما يعني الانعزال في حياته الخاصة.
4- تم التركيز على صفات معينة لابد من توفرها من السفير الإيطالي كإجادة اللغة اللاتينية والحذر والدهاء وسعة الإطلاع والكرم والصبر والفطنة ورباطة الجأش.

وقد قدمت الدبلوماسية الإيطالية إسهاماً قيماً في الإجراءات الدبلوماسية التي لا يزال بعضها قائماً حتى يومنا هذا، ويتمثل في ملفات وثائق المعاهدات والتقارير، فقد كان البندقيون مثلاًُ أول من قدر أهمية الملفات في هذا الغرض. 


أحدث أقدم