العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية ( عوامل قوة الدولة ) | المكتبة الدبلوماسية

العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية ( عوامل قوة الدولة )

تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.


1 ـ العوامل الجغرافية ، السكانية و الاقتصادية :

1ـ1ـ العامل
الجغرافي :

في رأي علماء الجغرافيا السياسية أن الطبيعة الجغرافية للدولة تشكل الركيزة الأولى في تكوين قوتها بل إن البعض منهم من أمثال راتزل قد تطرف في دعمه لهذا الرأي حيث تحدث عن نظرية المجال الحيوي و التي تقوم على عنصري المساحة و الموقع و سرعان ما تأثرت به المدرسة النازية الألمانية .


وفي الحقيقة إن تأثير العامل الجغرافي على قوة الدولة ينحصر في عوامل رئيسية ثلاث :

أ ـ حجم الرقعة الجغرافية :إن كبر حجم الدولة يمكن أن يؤثر في قوتها من ناحيتين :

ـ إن اتساع حجم الدولة يمكنها من إيواء تعداد ضخم من السكان و كذلك يعطيها وفرة و تنوع في مواردها الطبيعية إلا أن اتساع الحجم من عدم وجود تعداد سكاني يضعف من قوة الدولة .

ـ اتساع حجم الدولة قد يزيد من قوتها عن طريق إعطاءها بعض المزايا العسكرية فقد يمنحها عمقا دفاعيا كما أن السيطرة على المساحات الواسعة يصبح مشكلة خاصة مع ازدياد الكثافة السكانية .

ب ـ الموقع الجغرافي : إن موقع الدولة الجغرافي يعد من العوامل التي تمارس تأثيرا كبيرا على مدى مشا
ركتها في المجتمع الدولي و على قوتها و لكن مثل هذا الادعاء يقبل المناقشة . 
هناك أقاليم في العالم اكتسبت بحكم موقعها أهمية إستراتيجية خاصة مما يزيد من قوتها و هذه الأقاليم تشتمل على ممرات مائية كمضيق جبل طارق ، قناة السويس ،قناة بنما . فالتحكم في هذه المنطق الإستراتيجية يعطي قوة مضبوطة للدولة التي تمارس ذلك التحكم . فعلى سبيل المثال هناك أهمية سياسية كبيرة للمواقع المطلة على البحار فهي متسع للنقل التجاري بتكاليف دون تكاليف النقل البري بكثير ، كما أن للتحرك في البحار ميزة إستراتيجية ،فمثلا الإفلات من قوات العدو في البحر أكثر يسرا عنه في البر ، و للجزر المنعزلة في البحار مزايا سياسية و إستراتيجية أظهرها أنها تشكل مراسيم للقوافل التجارية و قواعد عسكرية بحرية و جوية ذات أهمية كبرى .

ج ـ التضاريس : تتحكم التضاريس من حيث وجود الجبال و الوديان و الأنهار و السهول بطبيعة النقل و الاتصال داخل الدولة فكلما كان سهلا و ممكنا زادت درجة التجانس و الارتباط بين المواطنين ، كما أن سهولة الاتصال الطبيعي تزيد من سيطرة الحكومة على الدولة و كذلك من قدرتها على تجميع قواتها العسكرية و تحريكها في الاتجاه المطلوب .


1ـ2 ـ العامل السكاني :

إن أهمية السكان في قوة الدولة تحظى بقبول عام من علماء العلاقات الدولية و نقصد بالسكان هنا العنصر البشري ووزنه كعامل من عوامل قوة الدولة و هنا يجب أن نراعي العوامل الكمية و الكيفية في العامل الديمغرافي .

أ ـ العوامل الكمية :
تتجلى أهمية العامل السكاني في تشكيل القوة العسكرية اللازمة للحرب ، كما أن بعض الدول الاستعمارية حاولت الاعتماد على مستعمراتها في توفير القدرات البشرية اللازمة لآلتها العسكرية ، كذلك تؤثر الكثافة السكانية على الأهمية العسكرية من حيث أن الدول ذات الكثافة الضئيلة هي موضوع مطامع خارجية أما الدول ذات الكثافة العالية هي مؤمنة لحد ما من هذه الأطماع ، تتجلى أيضا أهمية التعداد السكاني في المستوى الاقتصادي حيث أن العامل البشري عنصر أساسي في عملية الإنتاج كما أن السوق الاستهلاكية هي الضمان الأكيد لازدهار الإنتاج الوطني ، و من جهة أخرى يشكل الضغط السكاني عاملا فعالا من عوامل النزاع الدولي بل كثيرا ما يحاول المحللون رد أسباب التوتر الاجتماعي بشتى صوره إلى الضغط الكمي للسكان .

ب ـ العوامل الكيفية : قد يؤثر في قيمة الكم السكاني كارتفاع نسبة الإناث بالنسبة للذكور وكذلك الحال بالنسبة لسلم الأعمار فقد يتوافق تباين نسبة الشباب الذكور من العدد الكلي للسكان مع درجات القوة الاقتصادية للدولة و كذا مع درجات القوة الإستراتيجية كذلك .

درجة التجانس الاجتماعي لعناصر الكم البشري: أي تحقيق الوحدة الداخلية ترتبط بدرجات التجانس الاجتماعي .

التقدم الثقافي و الاجتماعي : السكان المثقفون و المتقدمون تكنولوجيا قادرون على تحمل مسؤوليات الدولة.


1 ـ 3 ـ العامل الاقتصادي:

رفض التجاريون التمييز بين التفوق التجاري و التفوق السياسي حيث يكون ميزان القوى مرهون بالميزان التجاري فللأوضاع الاقتصادية المقام الأول اتجاهات السياسة الخارجية للدول و يؤكد الباحثون على أن هناك ارتباط بين الحرب كظاهرة بين الدول و بين الظاهرة الاقتصادية ، فالحرب هي آثار حتمي للظاهرة الاقتصادية من حيث :



أ ـ حروب القحط:
ففي الجماعات البدائية تبدو حالة القحط الناجم عن تخلف الموارد الطبيعية عن تمكين الجماعة من الاستمرار في الحياة و هكذا تبدو هذه الحالة و كأنها الوضع المحتم للحرب من أجل الاستعلاء على موارد الآخرين.

ب ـ حروب الوفرة: أما في الجماعات الصناعية فالدافع للصراع كان السعي في الحصول على المزيد من الموارد الأولية من أجل المزيد من الإنتاج.

ج ـ حروب الأسواق و التسويق :
هي تلك الحروب التي تلجأ إليها الدول من أجل الحصول على الحق في أن تتاجر بحرية في منطقة معينة .



2 ـ العوامل العسكرية،التكنولوجية و التنظيمية:

1ـ العامل العسكري :
ينظر الكثيرون إلى درجة الاستعداد العسكري على أنه المظهر الرئيسي لقوة الدولة و يرتبط مستوى الاستعداد العسكري بعدة عوامل:

1ـ التقدم التكنولوجي في إنتاج الأسلحة و في وسائل جمع المعلومات .

2ـ القدرة على التخطيط الاستراتيجي و الذي يتفق و طبيعة مشكلة الأمن القومي التي تواجهها الدولة .

3ـ مدى كفاءة القيادات المسؤولة عن عمليات التخطيط الاستراتيجي .

4ـ مدى كفاءة التدريب و كذا مستوى القدرة القتالية للقوات المسلحة في الدولة .

5ـ مدى القدرة على حشد طاقات الدولة و إمكانياتها بالسرعة الواجبة و في الظروف التي تضطرها لإجراء تعبئة شاملة لقواتها .


2 ـ 2 ـ العامل التكنولوجي:
أدخل العامل التكنولوجي ثورة كلية على العلاقات الدولية حيث أضحى أهم ميزان في العلاقات الدولية بين عالم متقدم و آخر متخلف ، كما أدخلت الثورة التكنولوجية أساليب جديدة في الإنتاج و ساهمت في زيادة القدرة الاقتصادية للدول و طورت أساليب الزراعة و ضاعفت من مردوديتها و بصفة عامة تهيأ التكنولوجيا أكفا الوسائل لاستغلال الإمكانيات الطبيعية ، المادية و البشرية المتاحة للدولة كما أن التقدم التكنولوجي يزيد من القوة العسكرية حيث أصبحت تقاس بمدى قدرة الدول في إنتاج الأسلحة و في جمع المعلومات .كما تنعكس على العامل السكاني من حيث ترقية كيفه و كذا من حيث أنها تضبط أكثر فأكثر القياسات الكمية للسكان و تساعد في عملية الإحصاء ، ومن ناحية أخرى أثر العامل التكنولوجي على الدبلوماسية و أضحت ميكانيزمات اتخاذ القرارات على مستوى الدول و المنظمات أكثر وضوحا .

2 ـ 3 ـ العامل التنظيمي:
إذا كان العامل التنظيمي يعني مباشرة المؤسسات الدستورية للدولة فإنه في الوقت نفسه يتوزع على مجموعة من المتغيرات مرتبط بالجوانب المعنوية للدولة .

أ ـ العامل الإيديولوجي :
هي منظومة من التصورات و الأفكار و الأوهام و المفاهيم التي تميز مجتمع ما . و لا يجوز للمحلل إغفال العنصر الإيديولوجي كعنصر تفسيري للظواهر الدولية فالإيديولوجية هي المحرك الرئيسي للسياسات الخارجية للدول لأنها تمثل اختلاف البيئات و الأفكار و المعتقدات المؤثرة على صناعة و اتخاذ القرار .

ب ـ الروح الوطنية للدولة :
الوحدة الوطنية هي تكامل الجماعة المشكلة للدولة تكاملا يسقط عنها أسباب التصادم المؤدي إلى الضعف ، و الوحدة الوطنية تتجسد أساسا في الدولة و هي الطريق المؤدي لرفع الروح المعنوية للدولة التي بدورها تشكل أحد الركائز التي ترتكز عليها قوة الدولة .

ج ـ الاعتبارات المتعلقة بكفاءة الأجهزة السياسية و الدعائية و الدبلوماسية للدولة :
تتوقف كفاءة الأجهزة السياسية للدولة على الاستقرار السياسي و على شكل النظام السياسي كدبلوماسية الدولة التي يقع عليها عبء تجميع هذه العوامل الطبيعية و الاجتماعية في كل واحد متكامل لكي تتحرك به في الطريق إلى تحقيق أهدافها الخارجية و ذلك بالأسلوب الدبلوماسي في زمني السلم و الحرب .

د ـ شخصية و سلوك رجل الدولة : هو عامل يقوم أحيانا بدور بارز في تقرير الأهداف القومية للدولة و شخصية القادة السياسيين ، و المسؤولين ، كما يؤثر أيضا في قوة الدولة حيث نجد أن التغير في أنماط القيادات السياسية الحاكمة ينتج في أغلب الأحيان تغيرات هامة في الاتجاهات الخارجية للدولة و في بعض الحالات يكون نفوذ القائد السياسي و تأثيره على السياسة الخارجية مطلقا .


أحدث أقدم