انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية - الـولـوج من ثقــب إبـرة | المكتبة الدبلوماسية

انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية - الـولـوج من ثقــب إبـرة


نجيب العدوفي
ما تشهده اليمن من رغبة جامحة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والاستفادة من ذلك يحتم عليها تجاوز العديد من الإرهاصات والمعوقات التي شوهت الاقتصاد الوطني، والأهم في ذلك أن تحدد اليمن القضايا الرئيسية وذات الأولوية لتمنحها حقها في عملية الإصلاحات، الأمر الذي جعل كثير من خبراء الاقتصاد المحليين يصفون هذه الرغبة بأنها أشبه بحالة "المراهقة" لأن العقل لم يكتمل، واكتمال العقل في عملية الانضمام يعني به الخبراء الوصول إلى مرحلة متقدمة في عملية الإصلاحات وتهيئة البيئة التجارية بحيث تكون قادرة على استيعاب التطورات الاقتصادية العالمية ومجابهة التحديات والمنافسة أما دون ذلك فهي كمن يحاول الولوج من ثقب إبرة.
وعن الدور الذي تلعبه الحكومة اليمنية لتحقيق الانضمام لمنظمة التجارة العالمية فقد بدأ الدكتور يحيى المتوكل - وزير الصناعة والتجارة- متفائلاً في كلمته التي ألقاها في المؤتمر العربي الرابع "مستقبل مفاوضات تحرير التجارة في ظل منظمة التجارة العالمية" الذي عقد منتصف فبراير الحالي بصنعاء وهو يتحدث عن الجهود التنموية التي تبذلها الحكومة اليمنية من خلال إطلاق برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي والإداري في العام 1995 والذي أسهم في تحرير التجارة من خلال إلغاء نظام تراخيص الاستيراد وإزالة الحظر التدريجي على مختلف السلع الزراعية وتخفيض رزم التعرفة الجمركية على عدة مراحل من 15 حزمة عند بدء الإصلاحات إلى 3 حزم هي على التوالي: 5  10  25 وبمتوسط بسيط يقدر بـ7% إضافة إلى إسهامات هذه الإصلاحات في جعل الاقتصاد اليمني من أكثر اقتصاديات المنطقة انفتاحا على التجارة الدولية, كما تم مؤخرا تعديل المادة (28) من القانون التجاري رقم (32) لعام 1991م بحيث يسمح لغير اليمنيين الاشتغال بالتجارة دون الحاجة إلى شريك يمني ، مشيراً إلى أن استمرار الانفتاح الاقتصادي وتحرير التجارة الخارجية والاندماج في الاقتصاد الإقليمي والعالمي أحد الخيارات الإستراتيجية التي تبنتها خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للأعوام 2006-2010 م والتي تهدف إلى تشجيع الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والحصول على العضوية والاستفادة من مزايا النظام العالمي المتعدد الأطراف بزيادة التجارة وجلب الاستثمارات وتقوية الروابط التجارية والاستثمارية مع دول مجلس التعاون الخليجي للوصول إلى الاندماج الاقتصادي معها من خلال تنسيق الإجراءات الجمركية والمعايير والمواصفات وتدابير الصحة والصحة النباتية في هذا الشأن, إضافة إلى التوسع في الصادرات غير النفطية "السلعية والخدمية " على حد سواء, ودعم القدرات التنافسية لها في الأسواق الخارجية للوصول بها إلى 19% من إجمالي الصادرات بحلول العام 2010 ، وفي الوقت الذي يؤكد فيه وزير الصناعة والتجارة الدكتور المتوكل أن الحكومة اليمنية قامت على صعيد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية, بالعديد من الإجراءات والإصلاحات خلال الفترة الماضية من أهمها: تكثيف الجهود وسرعة تقديم الردود على تساؤلات أعضاء المنظمة وإعداد كافة الوثائق المطلوبة من خطط عمل وغيرها, والذي أدى إلى تحقيق تقدم في مسار المفاوضات المتعددة الأطراف ، إلا أن خبير اقتصادي أشار إلى أن عملية الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها اليمن تسير بخطوات بطيئة جداً ، مؤكداً أن هذا التباطوء يمثل عبئاً ثقيلاً على مسيرة الإصلاحات إضافة إلى أنه يعد استهلاكا للوقت والجهد والمال ويؤثر سلباً على تعجيل عملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ، وحسب ما تشير إليه التقارير فإن اليمن استطاعت بعد تبني عملية الإصلاحات الاقتصادية تحقيق تقدماً ملموساً في مجالات السياسة النقدية والمالية وسياسة سعر الصرف والأسعار والتجارة الخارجية ونتج عن ذلك استقراراً اقتصادياً كلياً ساهم في رفع معدلات النمو وتحرير الأسعار والتجارة الخارجية وتوحيد سعر الصرف،إلا أن ذلك التقدم لم يستمر ومع بداية القرن الحالي شهد منذ بدايته تباطؤ في مسيرة الإصلاحات الاقتصادية جراء تراجع عائدات النفط الذي صاحبه تخفيف القيد المالي على الحكومة إضافة إلى ظهور معارضة داخلية لبعض جهود الإصلاح الاقتصادي تسببت كل تلك في عدم إحراز تقدم كافٍ في مجالات إصلاح حيوية مثل تخفيض دعم الوقود وتطبيق الضريبة العامة على المبيعات وإصلاح الخدمة المدنية وإدارة الإنفاق العام حسب ما ورد في تقرير صندوق النقد العربي 2008 ، من جانبه الدكتور/ حمود النجار- رئيس مكتب الاتصال والتنسيق مع منظمة التجارة العالمية أفصح عن حاجة اليمن إلى جملة من الإصلاحات أهمها موائمة التشريعات التجارية اليمنية للتشريعات التجارية لمعظم دول العالم، منوهاً إلى أن بلادنا تستكمل الإجابات على أسئلة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وسترسل هذه الإجابات إلى سكرتارية المنظمة, واستكمال بعض المفاوضات الثنائية مع بعض الدول الأعضاء في المنظمة في سبيل إحراز تقدم في مجال متعدد الأطراف وكذا المجال الثنائي ، مؤكداً على أن موائمة التشريعات التجارية والاستثمارية في اليمن لمعظم دول العالم سيعزز من مساعي بلادنا إلى جذب الاستثمارات الخارجية وتحقيق النمو الاقتصادي ، بحيث لا يمكن أن تكون اليمن في معزل عن النظام التجاري متعدد الأطراف, فكل دول العالم تسعى لأن تكون جزءا من هذا النظام, ومعظم التبادل التجاري العالمي ما يقارب 96% يتم تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، وهذا مهم جدا لليمن وهناك فوائد أخرى ، ونوه النجار إلى أن عملية الإصلاحات لابد أن تشمل القطاع الخاص الأمر الذي يحتم على القطاع الخاص التمتع بالشفافية والمصداقية ومساندة الجهود المبذولة في عملية الإصلاحات الاقتصادية وتعجيل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ، فذلك يصب لمصلحته ولا يشكل أية صعوبات أمامه كون هناك مؤسسات ناجحة وتؤمن بضرورة الانضمام وتتمتع بقدرتها على الاستفادة من ذلك، إضافة إلى سعيها إلى المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي.
وعن قانون الإغراق قال النجار: " لدينا قانون يمني بحت وليس لمنظمة التجارة العالمية صلة به, إذ تعمل العديد من الدول على حماية منتجاتها الوطنية عن طريق إتباع وسائل قانونية كمكافحة الإغراق, ونحن في اليمن نشعر أن هناك إغراق في السلع موجود في السوق اليمنية ويجب علينا حماية السلع المحلية من هذا الإغراق بوسائل قانونية, كما أن المنظمة تؤكد أنه لا يجب إتباع إجراءات لحماية المنتجات المحلية لأية دولة إلا في ظل قانون, وهذه فرصة لليمن أن تقدم هذا القانون وأن تبدأ بالفعل من حماية منتجاتها من الإغراق".


أحدث أقدم