الدبلوماسية الوقائية | المكتبة الدبلوماسية

الدبلوماسية الوقائية

تعني الدبلوماسية الوقائية مجموعة من التدابير التي تتخذها الدبلوماسية لتوقي ظهور توتر خطير أو نزاع منذر بالحرب أو تلافي دخول دولتين في حرب وتوقي استخدام دولة نووية سلاحها باعتماد خيار التفاوض وكل ما من شأنه إنهاء النزاعات وتكريس الاستقرار.
 وتعرف ايضا: بأنها تلك النشاطات التي تقوم بها هيئة الأمم المتحدة لمنع تفجر بعض الصراعات أو السعي لاحتوائها وتسويتها حال تطورها إلى نزاع مسلح، أو دفعها بعيدا عن دائرة التوتر والخطر وذلك بإبقائها ضمن إطارها المحدد والعمل على الحيلولة دون وقوعها في دوامة صراع القوى الكبرى، بتوفير حلول تحول دون

تصاعد تلك الصراعات أو تدويلها. وقد ارتبط ظهور هذه الدبلوماسية بالأمين العام الأسبق للأمم المتحدة (1953-1961) داغ همرشلد حيث قاد التحرك الدبلوماسي لهذه المنظمة الدولية عام 1956 في أزمة السويس، مما أدى إلى تدخلها بوضع بعض التدابير العسكرية الجماعية المحدودة لفض الاشتباك بين الأطراف المتحاربة ووضع ترتيبات وقف إطلاق النار تمهيدا لتسوية الأزمة بصورة نهائية.
ويرى همرشلد انه لكي تستطيع الأمم المتحدة أن تنجز هذه المهمة الأساسية في صون السلام الدولي، فانه يجب عليها من خلال أجهزتها المختصة أن تبلور نمطا من السياسات التي تكون قابلة للتطبيق الفعال في مثل تلك الأحوال، وبشرط أن تكون هذه السياسات متوازية، والا تخدم مصالح طرف دولي على حساب طرف آخر، وان يكون واضحا للجميع هدفها الأول والأخير، هو منع تدويل الصراعات المحدودة والتصميم على ربطها بصراعات أخرى اكبر واعقد منها.
ويمضي همرشلد في تحليله الى القول: بان الاهمية الخاصة للدبلوماسية الوقائية او المانعة، تتمثل في المواقف التي ينفجر فيها الصراع كنتيجة لوجود نوع من فراغ القوى في المناطق غير المنحازة التي تقع بين الكتل الدولية الكبرى. فبواسطة الامم المتحدة، يمكن تفويت الفرصة على القوى الكبرى في ان تحاول اثارة النزعات بوسائلها الخاصة، التي بد وان تقود الى سلسة من ردود الفعل المضادة في النهاية للسلام والاستقرار الدوليين. ويمكن ان يتم ذلك من جانب المنظمة العالمية على اساس مؤقت، أي حتى يتسنى ملئ ذلك الفراغ بالوسائل الطبيعية، ومن خلال الاتفاقات او المبادرات التي تاتي من اتجاه الدول المعنية نفسها.
وقد استطاعت هذه الدبلوماسية بحسب اعتقاد همرشلد، ان تثبت وجودها بتحقيق اهدافها في بعض الازمات الدولية كما حدث في السويس ولبنان ولاوس والكونغو وقبرص، حيث تحركت هيئة الامم المتحدة في قوتها نتيجة للتفاوت القائم بين هذه الازمات، حتى ان تدخلها في بعض النزاعات ادى الى مزيد من التوتر بين الكتلتين وقد نشب الخلاف بين القوى الكبرى من جهة وبين الامم المتحدة في الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة عام1960 من جهة اخرى حول شرعية الترويكا(الامانة العامة الثلاثية) الذي تقدم به الرئيس السوفيتي الاسبق نكيتا خروتشوف في اواخر ذلك العام.
ويعتقد الدكتور اسماعيل صبري مقلد: " ان الدبلوماسية الوقائية وان كانت بالفعل قد اكدت نفسها في ممارسات المنظمة العالمية في قطاع حفظ السلام منذ منتصف الخمسينيات، بعد فترة من العجز النسبي بسبب مناورات الدول الكبرى وسوء استغلالها لسلطة الفيتو في مجلس الامن، الا ان نجاح الامم المتحدة في هذا الميدان يعتبر نجاحا جزئياً. فالدبلوماسية الوقائية هم بمثابة تطبيق عملي محدود لنظام الامن الجماعي بمفهومه الشامل، فالدبلوماسية الوقائية في حقيقة الامر ليست سوى تنفيذ تدابير دولية، تتفاوت في مدى شمولها بحسب الظروف، وذلك فقط في النزاعات المحدودة التي يكون اطرافها غير منحازين للقوى الكبرى او للتكتلات الدولية التي تدور في فلكها".


Neuere Ältere