العلاقات الدبلوماسية في الحضارة الرومانية | المكتبة الدبلوماسية

العلاقات الدبلوماسية في الحضارة الرومانية


عرفت الدولة الرومانية الموحدة بداية أوجها مع القيصر في القرن الأول قبل الميلاد واستمرت حتى عام 476 م عام انهيار روما وتقسيم الإمبراطورية . وقد كان الرومان شأنهم شأن الإغريق يعتقدون بتفوقهم على الشعوب الأخرى وبحقهم على السيطرة على العالم بالقوة . وكانت علاقة روما مع الشعوب الأخرى قائمة على الحرب الدائمة ، لذلك لم تكن فكرة المساواة بين الدول معترف بها لدى الرومان . وقد شملت الإمبراطورية الرومانية الموحدة معظم دول العالم المتقدم وقتئذ ، وكان الإمبراطور الروماني يعتبر رئيسها الأعلى .
هذه الجمهورية العسكرية أقامت تحالفات صداقة تجارية ودبلوماسية بين روما وعدة وحدات سياسية مستقلة لسبب بسيط هو أن هذه الوحدات كانت قائمة فيما يعرف بالأراضي الإيطالية .وعليه فإن الهدف من ذلك دفاعي للتفرغ لاحتلال باقي الشعوب من غير جنسهم .وبعد أن استتب لحكام روما الأمر واستقرت دولتهم نقضوا تحالفاتهم مع جيرانهم وحولوها الى اتفاقيات خضوع وتبعية وذلك للتدليل على قوتهم وعظمتهم ومن ثم هيمنتهم الكاملة على جميع الشعوب المتاخمة لهم .وتعتبر الإمبراطورية الرومانية الموحدة الدولة الوحيدة القائمة آنذاك في أوروبا والشمال الإفريقي وشرق المتوسط .وقد قدم الرومان من الناحية النظرية الكثير للدبلوماسية وذلك عبر قوانينهم المختلفة ، أو عبر ممارساتهم المختلفة مع الشعوب التي أتبعوها لهم ، إذ كانت تقطن على تخوم إمبراطوريتهم . ومن جملة ما قدموا نشير الى أنهم أنشئوا مهنة أمناء المحفوظات وكذلك المراسم الدبلوماسية عبر تشريعهم لقوانين خاصة . باستقبال السفراء ، وتحديد إقامتهم ، ونوعية معاملتهم ، ومنحهم بعض الامتيازات والحصانات التي تعطي لرؤساء البعثات ومرافقيهم من موظفين وخدم . أما البريد الدبلوماسي فلم يكن يتمتع بأي حصانة كانت بل يفتش ويراقب .
لقد ساهم الرومان في تطوير النظرية الدبلوماسية أكثر من مساهمتهم في ممارستها . لقد كانوا محاربين غزاة ، وقد أدى تفوقهم العسكري إلى فرض إرادتهم على الشعوب والقبائل المهزومة وانعكس ذلك على نظرتهم للمعاهدات وأساليب عقدها ثم الإصرار على احترامها.فلم تكن المعاهدات عند الرومان تعبيرا عن الإرادة الحرة والمصلحة المتبادلة للطرفين المتعاقدين بقدر ما هي فرض لإرادة المنتصر على المغلوب ووثيقة للاعتراف بمصالحه والتقيد بها لخدمتها.
وقد تميزت الممارسة والأسلوب الدبلوماسي بعدد من الخصائص تركزت في الأمور التالية:
1- كان اهتمام الرومان يتركز على الشكل قبل المضمون في إجراءات عقد وتسجيل المعاهدات فمثلاً انصرف اهتمام الرومان الى النظر بصحة إعلان الحرب بالشروط المرسومة قبل بدئها وكذلك بما يتعلق بعقد الصلح طبقاً لمراسم معينة.
2- كان مجلس الشيوخ الروماني هو الذي يدير الخارجية ثم أصبح للأباطرة من تدبير هذه السياسة ولكن بعد استشارة هذا المجلس.
3- كان مجلس الشيوخ يقوم بقبول سفراء الدول الأجنبية والاستماع الى مطالبهم وقبولها أو رفضها.
4- في عصر الرومان أصبح تكوين البعثة الدبلوماسية بمثابة لجنة تمثل مجلس الشيوخ يتراوح عددها بين شخصين أو عشرة أشخاص وان السفراء عادة من درجة الشيوخ لو من الفرسان البارزين أو البعثات الدبلوماسية الهامة، فكانت تتكون من عدد من القناصل أو الفرسان يرأسهم أحد أعضاء ديوان الخارجية.
5- عند عودة السفراء من مهمتهم يقدمون الى مجلس الشيوخ تقريراً مفصلاً يصوت عليه المجلس بالموافقة أو الرفض.
6- كانت تجري مراسم وإجراءات متعددة لاستقبال السفراء.
7- عندما يقترف السفراء الأجانب عملاً مخالفاً للقانون يبعث بهم الى دولتهم لتقوم سلطاتهم بمحاكمتهم ومعاقبتهم.
8- كان الممثلون الدبلوماسيون لدى روما يتمتعون بالحصانة الشخصية حتى وقت الحرب.


Plus récente Plus ancienne