الشعور conscient
هو ذلك الجزء من العمليات العقلية التي نحسها، وندركها، ونعيها،
وعادة ترتبط بحالة وجدانية انفعالية. وهي حاله وقتية، ترتبط مباشرة بالحاضر، ويمكن أن تظهر
مرة ثانية في الشعور إذا توافرت لها شروط معينة. وفي اللغة يعني الشعور الوعي،
وتستخدم مصطلحات الشعور والشعوري مرادفات.
يرى علماء
النفس أن الشعور متعدد الأبعاد، وقد قسمه أرنست هلجارد Ernest Hilgard إلى قسمين: أحدهما جوانب فعالة
active، وأخرى مستقبلة receptive. فعمليات التخطيط والتدريب والتعليم وممارسة نوع من الرقابة على
السلوك تدخل في قسم الوظائف النشطة أو الفعالة، أما عمليات الاستقبال فتشمل
التنبيه الخارجي من خلال الحواس، والداخلي من خلال الأفكار والأحاسيس الحشوية
وعمليات الإدراك الأخرى.
ويرجع
الفضل لعالم النفس الألماني فلهلم فونت
W.Wundt في تأسيس أول مخبر لعلم النفس لدراسة العمليات الأولية للشعور.
كما اهتم وليم جيمس
W.James اهتماماً شديداً بعمليات العقل البشري.
ومع ظهور
المدرسة السلوكية أهملت دراسة الشعور بحجة أنه لا يمكن قياسه ودراسته بطريقة
موضوعية، إلاّ أن هذه النظرة قد تبدلت منذ عام 1950، وبدأ العلماء بدراسة أنشطة
الشعور كالذاكرة والتفكير واللغة والأنشطة الإدراكية الأخرى.
وفي بعض
الكتابات العربية يستخدم مصطلح الوعي في المعنى الوصفي بينما يستخدم مصطلح شعور أو
شعوري للمعنى النسقي.
علاقة
الشعور بالإدراك
حتى تتبين
العلاقة بين الشعور والإدراك لابد من تعريف الإدراك، فالإدراك: (عملية تأويل
الإحساسات تأويلاً يزودنا بمعلومات عن عالمنا الخارجي من أشياء بالإضافة للإحساسات
الحشوية التي تأتينا من أعضاء الجسم الداخلية والخارجية. كما تشمل العلامات،
والعلاقات، والرموز).
وبالعودة
إلى تعريف الشعور، يتضح أن الإدراك جزء من الشعور، وعلاقة الإدراك بالشعور هي
علاقة الجزء بالكل. والإدراك يرتبط أكثر بالعمليات الحسية، أما الشعور فيرتبط
إضافة إلى العمليات الحسية بالانفعالات الوجدانية.
وهناك
اتجاهات تحاول أن تواكب ما بين ما هو نفسي وما هو شعوري، إلاّ أن الفجوات الموجودة
في الشعور والتي تستعصي على الفهم أسهمت في توسيع مفهوم الحياة النفسية إلى أبعد
ما هو شعوري، إلى اللاشعور.
اللاشعور inconscient
يؤكد فرويد Freud بعض العمليات العقلية التي تستطيع أن تُحدث في العقل جميع الآثار
التي تُحدثها الأفكار العادية دون أن تكون هي نفسها شعورية. وهذه العمليات العقلية
التي لا يمكن أن تصبح شعورية، تسمى اللاشعور.
ووفقاً
لنظرية فرويد في التحليل النفسي يوجد نوعان من اللاشعور، اللاشعور الكامن قبل
الشعور، والذي يستطيع أن يظهر بسهولة في الشعور إذا توافرت شروط معينة. واللاشعور
المكبوت الذي يجد مقاومة تمنعه من الظهور في الشعور.
وبحسب
فرويد فإن «الشعور» و«ما قبل الشعور» و«اللاشعور» ثلاثة أنظمة تشمل جميع جوانب
حياة الإنسان النفسية. ويؤكد فرويد على أهمية اللاشعور للإنسان إذ يعدّه الأساس في
الحياة النفسية، ويمكن الاستدلال على اللاشعور من زلات اللسان والقلم، ورموز
الأحلام والمقاومة في أثناء التحليل وغير ذلك.
إذن:
اللاشعور هو فرضية ضرورية ومشروعة لفهم الحياة النفسية، ذلك لأن معطيات الشعور
ناقصة إلى أبعد حد. فغالباً ما تلاحظ كثير من الأفعال النفسية لدى الإنسان السليم
والمريض على حد سواء، لا سبيل إلى تفسيرها إلا بافتراض اللاشعور.
ولتأكيد
فرضية اللاشعور يؤكد «فرويد» أن الشعور لا يحتوي في كل لحظة إلاّ على محتوى طفيف
للغاية. بحيث أنه لو نُحيّ هذا المحتوى جانباً لوجد الجزء الأكبر مما يُسمى
بالمعرفة الشعورية غارقاً بالضرورة، ولحقب مديدة من الزمن، في حال كمون، أي في
حالة لا شعور.
ويفرق يونج Jung بين نوعين من اللاشعور للشخصية، فهناك اللاشعور الفردي أو الشخصي L’inconscient Personnel واللاشعور الجمعي L’incons-cient-collectif.
اللاشعور
الفردي:
يتكون
اللاشعور الفردي من الخبرات التي يكتسبها الفرد في حياته، وهذه الخبرات كانت في
البداية شعورية إلاّ أنها فقدت طابعها الشعوري بسبب عوامل النسيان والكبت وأضحت لا
شعورية. ويتألف اللاشعور الفردي من العقد والتي هي تراكمات لأفكار ومشاعر وذكريات
ومواقف مكبوتة في أعماق لا شعور الفرد. وهذه العقد تؤثر دوماً في توجيه السلوك
الإنساني إذ إنها تمثل عاملاً هاماً في تنظيم الشخصية أو تصدعها.
اللاشعور
الجمعي:
يعد مفهوم
اللاشعور الجمعي من المفهومات الجديدة التي أضافها يونج إلى نظرية التحليل النفسي،
فهو من الإضافات المميزة لنظرية يونج.
إذن:
اللاشعور الجمعي هو أحد الجوانب الأكثر كموناً وعمقاً في الشخصية، ويتكون اللاشعور
الجمعي بحسب يونج من ذكريات كامنة موروثة عن الماضي الإنساني والذي يتضمن التاريخ
السلالي للنوع الإنساني، وكذلك الوجود الحيواني للنشوء النوعي. كما يعده يونج
الأساس التاريخي للنفس الإنسانية، لأنه يحتوي على جميع الآثار المتعاقبة لخبرات
الإنسان منذ عصور ماقبل التركيب النفسي كما هو قائم الآن بطريقة مكثفة لهذه
الخبرات.
إن
اللاشعور الجمعي عند يونج يتكون من تركيبات تعرف باسم «النماذج الأولية» archétypes. وهذه النماذج هي أفكار عامة تحتوي على خبرات الإنسان البدائية
والصور الأولية، والتي أتت من احتكاك الفرد مع الوسط الذي يعيش فيه ومن ثمّ فإن
هذه الخبرات لها صفة الشمولية والفطرية لدى الجنس البشري كله.
وتظهر هذه
النماذج الأولية في اللاشعور من بعض الأنشطة النفسية مثل، الرموز symboles في الأحلام أو في الطقوس rites
أو
الأساطير mythes.
وبما أن
آثار العهود القديمة هي نتاج وراثي للنفس البشرية ونواة وراثية للاشعور الجمعي،
فإن الأشكال والأفكار هي التي تتخذ صورة الرموز، ويمكن إدراك المعنى الرمزي لها
بتحديد الهدف الذي تتجه إليه الذات الإنسانية، لهذا اهتم يونج بدراسة الرموز
والأحلام والأساطير لأنها تساعد على فهم اللاشعور الجمعي.
ومن ضمن
«النماذج الأولية» التي كان لها تأثير كبير في نظرية يونج «الأنيما» anima و«الأنيموس»
animus، وهما مفهومان يشيران إلى الذكورة
والأنوثة؛ فجانب الذكورة في الأنثى يطلق عليه مصطلح الأنيموس، والجانب الأنثوي في
الذكر يطلق عليه مصطلح الأنيما. ولهذه النماذج الأولية عند يونج تأثير كبير في
الحياة النفسية للفرد.
العلاقة
الديناميكية والوظيفية بين الشعور واللاشعور La
relation dynamique et fonctionnelle entre le conscient et L’ inconscient.
إن العلاقة
بين الشعور واللاشعور تكون دائماً في حالة ديناميكية متغيرة؛ فما هو شعوري يمكن أن
يكبت في اللاشعور وما هو لاشعوري يمكن أن ينتقل إلى الشعور، فخبرات الطفولة و التي
كانت في حينها شعورية ينالها النسيان والكبت فتغدو لاشعورية، وعلى العكس يمكن
لخبرات قريبة لا شعورية أن تغدو شعورية إذا توافرت لها شروط معينة، وكذلك يمكن عن
طريق التحليل النفسي نقل كثير من الأفكار أو الوجدانات أو المواقف المكبوتة في
اللاشعور إلى حيز الشعور. إذن: فالعلاقة بين الشعور واللاشعور هي دائمة التغير
لتعطي في النهاية الحياة النفسية.
وإضافة إلى
كونها ديناميكية فهي أيضاً وظيفية تؤدي غرضاً، وتسعى إلى تحقيق غاية عبر سيرورة
نفسية، وهي في أبسط صورها تؤدي إلى إشباع رغبة. وعند الرجوع إلى طبيعة الرغبة
البشرية وُجِد أنها تقوم أساساً على إشباع حاجات فيزيولوجية من جوع وعطش وتنفس
وغيرها، وإشباع حاجات نفسية من أمن وحب وتقدير وتحقيق الذات.
وفي سبيل
تحقيق هذه الرغبة يحتاج الكائن إلى الآخر، وإذا كان وجود الآخر إلى جانب ذلك الكائن
وجوداً مؤقتاً متأرجحاً بين الحضور والغياب، وجب على هذا الكائن أن يستخدم
استعداداته النفسية في تحقيق وجود مستقل يستخدمه في غياب الآخر القادر، والذي يمثل
موضوع إشباعات الحاجات الفيسيولوجية والنفسية.
التسميات :
كتب ادارية