المسؤوليـة الدوليـة: مفهومها، اهميتها، شروطها، انواعها | المكتبة الدبلوماسية

المسؤوليـة الدوليـة: مفهومها، اهميتها، شروطها، انواعها

المسؤوليـة الدوليـة

المقدمة:
تعتبر المسؤولية الدولية من مقتضيات المبادئ العامة للقانون الدولي كما هي في القانون الخاص لأنه من الطبيعي أن يسأل أشخاص القانون الدولي عما يرتكبونه من انتهاكات لأحكام ذلك القانون و قد استقر العرف الدولي منذ زمن على إعمال قواعد المسؤولية الدولية دون تفرقة بين الدولة و الشخص الطبيعي في ذلك , حيث بات هذا الأخير مرتكز الاهتمام الدولي سواء لدى المشرع ذو الفقه أو المؤسسات الدولية .
و بالتالي بات الفقه المعاصر يقوم على ثلاث محاور أساسية ترتكز عليها فكرة المسؤولية الدولية , حيث يحوي المحور الأول فكرة تحرك المسؤولية الدولية إزاء أي شخص دولي , أي يستوي في ذلك – كما ذكرنا- الشخص المعنوي (الدولة و المنظمة الدولية), مع الشخص الطبيعي (الفرد)
-أما المحور الثاني فمفاده أن المسؤولية الدولية تكون مدنية أو جنائية , حسب الفعل المرتكب .
- و يقوم المحور الثالث على فكرة أن المسؤولية الدولية تقوم عند ارتكاب الأفعال التي يحظرها القانون, كما تقوم عند ارتكاب بعض الأفعال التي لا يحظرها هذا القانون و ترتب ضررا للغير[1].

الفصل الأول : مفهوم المسؤولية الدولية و أهميتها:
المبحث الأول : تعريف المسؤولية الدولية :

يعتبر مصلحة المسؤولية الدولية ضابط خارجي لفكرة الجزاء الدولي , و هو ينصرف للمسؤولية القانونية دون الأدبية .
فالمسؤولية القانونية الدولية هي علاقة بين شخصين دوليين قوامها حدوث ضرر لشخص دولي أو أكثر نتيجة فعل عمل أو امتناع عن عمل صدر عن شخص دولي آخر ([2]) فقد عرفها الأستاذ حافظ غانم بالقول :"تنشأ المسؤولية الدولية القانونية في حالة قيام دولة أو شخص من أشخاص القانون الدولي بعمل أو امتناع عن عمل مخالف للالتزامات المقررة وفقا لأحكام القانون الدولي و يترتب على ذلك المسؤولية القانونية و هي تطبيق جزاء على الشخص الدولي المسؤول ."([3])
- و عرفها الأستاذ عبد العزيز سرحان بأنها : "الجزاء القانوني الذي يرتبه القانون الدولي العام على عدم احترام أحد أشخاص هذا القانون للالتزامات الدولية "([4]).
يرى الفقه الغربي و منهم الفقيه أنزيلوتي و بول ريتير, و فرد روس أن المسؤولية الدولية هي :"إسناد الفعل غير المشروع دوليا إلى احد أشخاص القانون الدولي العام نظرا أو نتيجة انتهاكه الالتزام الدولي أو ارتكابه فعلا غير مشروع دوليا."([5])
و يرى الأستاذ شارل فالي :" أن المسؤولية الدولية هي الالتزام بجبر الضرر أو دفع التعويض نتيجة إسناد فعل غير مشروع دوليا لأحد أشخاص القانون الدولي العام"([6]).
و عرفها شارل روسو بأنها : "قانون تلتزم بمقتضاه الدول المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقا للقانون الدولي بتعويض الدولة التي يقع في مواجهتها هذا العمل".
-و رغم هذه التعريفات إلا أنه وضع تعريف محدد للمسؤولية الدولية يبقى صعبا, خاصة و أن التعاريف السابقة لم تشمل الأفعال التي لا يحظرها القانون الدولي, كما أن أغلبها لم يشمل المسؤولية الجنائية الدولية و التي كرستها محاكمات نورمبرج و طوكيو.
و بالتالي إذا أردنا وضع تعريف لهذه المسؤولية يمكن القول بأنها ذلك" الالتزام الذي يفرضه القانون الدولي على الشخص القانوني لإصلاح الضرر الذي يصيب الضحية, أو تحمل العقاب جزاء المخالفة" ([7])
المبحث الثاني : أهمية مبدأ المسؤولية الدولية : (المحاضرة 2)

تعتبر المسؤولية الدولية من أهم الأسس التي يقوم عليها القانون الدولي العام, خاصة و أنها الإطار الذي يفعل فيه الجزاء ضد أي مخالف للالتزامات التي يفرضها هذا القانون, و هذا ما أكددته العديد من القرارات الدولية منها القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدواية الدائمة بتاريخ 25/03/1926 بشأن مصنع شورزو الذي أثار أزمة بين ألمانيا و بولونيا{حيث تملكت بولونيا المصنع الألماني دون دفع تعويض لألمانيا, و هو ما يخالف الاتفاقية المعقودة بينهما سنة 1922}, حيث رفع النزاع أمام المحكمة و التي قررت أنه "...من المبادئ المقبولة في القانون الدولي أن أي خرق للالتزامات الدولية سيتوجب تعويضا مناسبا.... "([8]).
و لعل توطيد مثل هذه المبادئ الدولية هو الذي يخف -على الأقل- من انتهاك الدول لالتزاماتها الدولية, مما سهل التعايش بين أعضاء المجتمع الدولي.
و تطبق أحكام المسؤولية الدولية دون أن تمس بمبدأ السيادة خاصة و أن هذا المفهوم لم يعد كما في السابق, أي لم تعد السيادة مطلقة, هذا أولا, كما أن إرساء مفهوم المسؤولية الدولية لا ينتقص من هذه السيادة شيئا, خاصة أنهما مفهومان متكاملان, حيث أن الدولة لا تكون مؤهلة لتحمل المسؤولية الدولية إلا إذا كانت ذات سيادة كاملة.
فالمسؤولية واجب و التزام دولي, أما السيادة فهي حق ثابت لكل دولة و الحق و الواجب وجهان لعملة واحدة, لا ينتقص وجود أحدهما للآخر.([9])
المبحث الثالث : تقنين المسؤولية الدولية :

لقد بذلت جهود دولية كثيرة لمحاولة تقنين ما أستقر عليه العرف الدولي في مجال المسؤولية الدولية من ذلك :
1- ما قام به المعهد الأمريكي للقانون الدولي, حيث أعد عام 1925 مشروعا بهذا الخصوص في إطار إقليمي (الدول الأمريكية)
2- كما قام معهد القانون الدولي بالتحضير لمشروع.....مركز خاصة على المسؤولية عن الأضرار التي تصيب الأجانب سنة 1927 كما حاولت جامعة هارفرد القيام بهذه المهمة.
3- و على مستوى المنظمات الدولية قامت لجنة الخبراء التابعة لعصبة الأمم بتدوين القواعد الخاصة بمسؤولية الدول عن الأضرار التي تلحق أموال الأجانب و أشخاصهم المقيمين في إقليمها عام 1930 .
-أما الأمم المتحدة فقد قامت لجنة القانون الدولي التابعة لها عام 1953 بإعداد تقرير حول هذا الموضوع و قد أنهت اللجنة عملها عام 1975 بإعداد قانون مشروع متعلق بالمسؤولية الدولية و توصلت هذه اللجنة عام 2001 إلى وضع قواعد تنظم المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة.
4- كما تجد المسؤولية الدولية مصدرها في الاتفاقات الدولية خاصة الشارعة منها مثل ما نصت عليه م (9) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية عام 1948 : "تعرض على محكمة العدل الدولية , بناءا على طلب أي من الأطراف المتنازعة, النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية بما في ذلك النزاعات المتعلقة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو أي من الأفعال الأخرى .... ".
5- و ورد ضمن المبادئ القانونية المقترحة لحماية البيئة مبدأ ينص على أن تتخذ الدول كل الاحتياطات المعقولة للخد من المخاطر لدى التنفيذ أو السماح بنشاطات خطرة معينة إلا أنها نافعة و تضمن منح التعويض في خالة وقوع ضرر بالغ عبر الحدود......
الفصل الثاني : أسس و شروط المسؤولية الدولية :


لقد تطورت المسؤولية الدولية و كرست مبادئها في القانون الدولي عن طريق تمديد الأسس التي تقوم عليها هذه المسؤولية, و تقرير الشروط التي يجب توافرها لقيامها :
المبحث الأول : أسس المسؤولية الدولية :

مطلب (1) : الأسس التقليدية لقيام المسؤولية الدولية :
لقد اختلفت النظريات التي أعتمد عليها لتكريس فكرة المسؤولية الدولية .
فرع (1) : الخطأ كأساس للمسؤولية :
و صاحب هذه النظرية هو الفقيه غروسيوس الذي اعتبر أن شخصية الدولة تتجسد في شخص الحاكم, فتسأل الدولة عن أي فعل خاطئ يرتكبه ..........
المبحث الأول : أسس المسؤولية الدولية : (المحاضرة 2)


(1) أسس المسؤولية د :
لقد تطورت المسؤولية الدولية و كرست في القانون الدولي بتجديد الأسس القانونية التي تسند إليها فكانت أربع نظريات :
1)- نظرية المسؤولية الدولية بالتضامن :
حيث كان أفراد المجتمع الواحد يتحملون مسؤولية العمل غير المشروع الذي يرتكبه شخص في مواجهة مجتمع أفراد أو أحد أعضائه و إصلاح الضرر يكون بالتعويض أو غيره مما تفرضه تبعية المسؤولية.
2)- نظرية المسؤولية الدولية بالخطأ :
لم يؤخذ الخطأ كأساس للمسؤولية الدولية إلا في بداية القرن 17 و التي ظلت قائمة إلى نهاية القرن19.
و مضمون هذه النظرية يتلخص في عدم اعتبار الحكام مسؤولية إلا إذا ارتكبها خطأ و يكون ذلك :
1- إذا لم يمنع الحاكم التصرفات الضارة.
2- إذا لم يوقع الحاكم العقاب المناسب على مرتكب التصرف الضار.
3)- نظرية المسؤولية الدولية بالمشروعية :
قد تطورت النظرية مع بداية القرن 20 حيث ترتب المسؤولية الدولية كلما وقع عمل غير مشروع دوليا. و مؤسس هذه النظرية هو الفقيه (أنزيلوتي) و الذي رأى أنها نظرية موضوعية تقوم على مخافة قاعدة من قواعد القانون الدولي. وهو ما أكدته لجنة القانون الدولي سنة 1980 حيث أوصت باعتبار كل عمل أو فعل غير مشروع تأتيه الدولة ترتب مسؤولية الدولية و كل عمل أو فعل تأتيه دولة خرقا لالتزام دولي أو قاعدة من قواعد القانون الدولي يعد غير مشروع.
4)- نظرية المسؤولية د بالخطأ :
و تطورت بسبب التطور العلمي مما أدى إلى تزايد المخاطر الضارة على الدول و وجدت بذلك المسؤولية الدولية الطلقة و مضمونها هو ترتب هذه المسؤولية إذا ما وقع ضرر أو خطر و لو كان العمل مشروعا.
المبحث الثاني : شروط قيام المسؤولية الدولية :

استقر الفقه الدولي المعاصر على اعتماد ثلاث (3) شروط حتى تكون بصدد المسؤولية الدولية و هي صدور فعل من أحد أشخاص القانون الدولي سواء كان هذا الفعل انتهاكا للالتزامات الدولية أو لم يكن ثم يجب أن يحصل ضرر لأحد أشخاص القانون الدولي العام , و أخيرا يجب أن يكون الضرر ناتجا عن الفعل المرتكب أي توافر الإسناد الدولي أو على حتى السببية بين الفعل و الضرر ([10]).
المطلب الأول: الفعل غير المشروع دوليا و الفعل المشروع:
* الفعل غير المشروع دوليا :
و يعرف بأنه "العمل المخالف أو غير المتفق مع قواعد القانون الولي العام"
أي أن الفعل غير المشروع دوليا هو إما انتهاك دولة لواجب دولي, أو عدم تنفيذها لالتزام تفوضه قواعد القانون الدولي أي يمكن تعريفه أيضا بأنه : "ذلك الذي يتضمن انتهاكا لإحدى قواعد القانون الولي العام أيا كان مصدرها أو إخلالا بإحدى الالتزامات الدولية سواء أكان هذا الفعل ايجابيا أو سلبيا ".
و يشترط لوجود هذا العمل :
- أن ينسب إلى أحد أشخاص القانون الدولي.
- و أن يخالف أحد الالتزامات الدولية.([11])
** الفعل المشروع دوليا:
تقوم المسؤولية الدولية عن الفعل المشروع دوليا على أساس نظرية الخاطر , حيث أن التقدم التقني تمخض عند حدوث بعض الأضرار التي لا تترتب عن أفعال غير مشروعة فكان التمسك لقيام المسؤولية الدولية على أساس الفعل المشروع سيكون سببا لإفلات الشخص الدولي من المسؤولية.
لذلك استقر الفقه الدولي على ما سبق بنظرية الخاطر أو النظرية الموضوعية (المطلقة) كأساس تبنى عليه المسؤولية فيلتزم الشخص الدولي بجبر الضرر و لو كان فعله مشروعا.([12]).
المطلب الثاني : الضرر
و يعد من أهم عناصر المسؤولية الدولية و أبرز شروطها, و يقصد بالضرر في القانون الدولي العام " المساس بحق أو بمصلحة مشروعة لأحد أشخاص القانون الدولي العام ". أي الضرر قد يصيب الدولة أو المنظمة الدولية, أو الأفراد, الذين تتدخل دولهم لحمايتهم عن طريق ما يعرف بالحماية الدبلوماسية, ز يستوي عي الضرر أن يكون ماديا (كالاعتداء) , أو أن يكون معنويا كاهانة ممثلي الدولة في الخارج,(انتهاك حرمة إقليم).
- لكن في مجال التعويض فانه لا يعوض إلا عن الضرر المباشر أما غير المباشر فلا يعوض عليه.
و قد تم تضمين هذا المبدأ في الحكم الصادر في قضية الاباما (1871/1872) و يتمثل موضوع القضية في أنه حدث أثناء حرب الانفصال الأمريكية, أن قدمت انجلترا المساعدة سرا للولايات الجنوبية و ذلك بالسماح لها ببناء السفن التي كانت تستعملها في الحرب .......في الموانئ الانجليزية, و كانت الاباما إحدى هذه السفن و التي اعتدت على مراكب الشمال فأغرقت عددا منها مما سبب في خسائر مادية و بشرية .
- و بانتصار ولايات الشمال في الحرب طالبت انجلترا بتعويضها عن هذه الأضرار, لأن موقفها كان مخالفا لقواعد الحياد و طرح النزاع أمام هيئة تحكيم التي قضت بإلزام بريطانيا بدفع التعويضات للو.م.أ عن الضرر المباشر الذي أصاب مراكبها و جنودها.

***الإسناد أو علاقة السببية بين الفعل و الضرر:
يلزم لتحريك المسؤولية الدولية تجاه أحد أشخاص القانون الدولي إسناد الفعل غير المشروع دوليا إلى شخص مرتكب هذا الفعل و عملية الإسناد هذه هي عملية ذهنية قانونية تتعلق بالإثبات اذ على المدعي أو طالب التعويض أن يثبت أن الفعل غير المشروع , أو الفعل المشروع المسبب للضرر قد صدر عن الشخص المدعي عليه و دون توافر هذا الشرط إضافة إلى شرط علاقة السببية المباشرة بين الفعل و الضرر فان المسؤولية الدولية لا تكون قائمة و لا يمكن الحكم بالتعويض أو القضاء بأي أثر قانوني للمسؤولية.([13])
الفصل الثالث : أنواع المسؤولية الدولية للدول :

المبحث 1: مسؤولية الدولة عن أعمال سلطاتها الثلاث :


من المتفق عليه اليوم قانونيا و فقها أن الدولة تتحمل مسؤولية دولية عن التصرفات الصادرة عن سلطاتها الثلاث:
مطلب 1: سلطاتها التشريعية:
للدولة الحق في إصدار ما يحلو لها من تشريعات , لكن يتعين عليها أن تراعي عدم تعارضها مع القواعد الدولية فإذا أصدرت السلطة التشريعية قوانين مخالفة للالتزامات الدولية للدولة , أو إذا لم تقم الدولة بسن قانون يلغي قانونا سابقا مخالفا لهذه الالتزامات قان الدولة تسأل عن كل ما يترتب عن تنفيذ هذه التشريعات أو عدم تنفيذها من مساس بحقوق الدولة أو رعاياها.([14])
- فالدولة إذن مسئولة عن كل التصرفات غير المشروعة التي تصدر عن سلطتها التشريعية سواء كان التصرف ايجابيا أو سلبيا.
- و قد طبق القضاء الدولي هذا المبدأ في حالات عديدة منها قرار محكمة العدل الدولية الدائمة سنة 1922 بصدد مصادرة الو.م.أ بعض السفن النرويجية المحايدة أثناء ح.ع.І و قد جاء في هذا القرار أنه: "على الدولة احترام أموال الأجانب و عدم التصرف بها إلا لقاء دفع تعويض عادل تحدده محكمة عادلة".
- كذلك قرار المحكمة بشأن قضية مصنع ( شورزو) حيث أقرت أن تصرف بولونيا(استغلال المصنع دون تعويض لألمانيا). يتعارض مع أحكام الاتفاقية الألمانية البولونية.
- أما القوانين التي تصدرها الدولة قصد تأميم المصالح الأجنبية فلا ترتب المسؤولية إذا ما كانت القوانين تتضمن نصوصا بدفع تعويضات فورية و عادلة.([15])
كما تعتمد المسؤولية الدولية للدولة أيضا إلى أحكام الدستور التي تصدر خلافا لقواعد القانون الدولي و هو ما أكدته المحكمة الدائمة للعدل الدولي سنة 1932 في رأيها الإفتائي حول النزاع بين بولندا و مدنية دانزينج الحرة إذ جاء فيه : " لا يحق لدولة أن تحتج بأحكام دستورها قبل دولة أخرى بغية التخلص من الالتزامات التي يفرضها عليها القانون الدولي أو الاتفاقات التي هي طرف فيها .... و يترتب على ذلك أن مسألة معاملة الرعايا البولنديين إنما يفصل فيها على أساس قواعد القانون الدولي و أحكام المعاهدات القائمة بين بولندا و دانزينج".
- و إذا ما تراخت الدولة في إصدار القوانين(التصرف السلبي) ترتبت مسؤوليتها الدولية, و المثال الأبرز لذلك قضية الاباما, إذ قرر المحكمون تحميل بريطانيا المسؤولية الدولية دون قبول دفعها المتمثل في عدم وجود تشريعات داخلية تكفل لها القيام بتنفيذ التزامات الحياد.
و اعتبر التراخي موجبا لإقامة المسؤولية ضدها.
مطلب 2 : مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة التنفيذية:

و مدلول السلطة التنفيذية يرجع إلى جميع الهيئات و المؤسسات التي تتولى شؤون الإدارة في الدولة و تسأل الدولة عن التصرفات الإدارية الناجمة عن أعمال تلك السلطة و موظفيها متى كانت إخلالا بالالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة سواء كانت التصرفات مطابقة أم غير مطابقة لقوانين الدولة.
- و كان الفقه سابقا يفرق بين وضعين:
1- الأعمال التي يأتيها الموظفون بأمر من حكومتهم أو في حدود اختصاصهم , أو أثناء قيامهم بوظائفهم, فيقرر مسؤولية الدولة إذا نتج منها إخلال بالواجبات الدولية.
2- و الأعمال المخلة بالواجبات الدولية التي يأتيها الموظفون بصفتهم الشخصية أو عند تجاوزهم حدود صلاحياتهم, فينفي الفقه المسؤولية الدولية عن الدولة, و يعتبر تصرفاتهم بحكم التصرفات الصادرة عن الأشخاص العاديين, و يسمح للأشخاص المضرورين برفع الأمر إلى محاكم الدولة و مقاضاة الموظف المذنب.
- أما اليوم بغالبية الفقه يقول بقيام مسؤولية الدولة في الحالتين لان الموظف يعمل باسم الدولة و من واجب الدولة أن تحسن اختيار موظفيها و تراقب سير أعمالهم. فتجاوز الموظف حدود اختصاصه يعتبر تقصيرا من الدولة في القيام بهذا الواجب.([16])
- أي أن القانون الدولي يشترط لنسبية التصرف إلى الدولة أن يكون هذا التصرف قد صدر عن عضو من أعضاء الدولة بوصفه ممثلا لها و يستوي في ذلك كبار الموظفين أو صغارهم.
مطلب 3 : مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية :
تسأل الدولة عن الأحكام القضائية الصادرة عن محاكمها عندما تكون هذه الأحكام مخالفة للقواعد الدولية و هنا لا يمكن الاحتجاج بمبدأ استقلال القضاء لأن هذا المبدأ يشكل قاعدة داخلية تطبق في نطاق علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة ولا دخل للدولة الأجنبية بهذه العلاقة , ثم لان الدولة في ميدان العلاقات الخارجية تواجد الدول الأخرى كوحدة مسؤولة عن تصرفات سلطتها المختلفة.([17])
* و تعارض الأحكام القضائية مع القواعد الدولية قد يرجع إلى:
أ- تفسير أو تطبيق خاطئ لنص يتماشى و الالتزامات الدولية.
ب- تطبيق نص داخلي يتعارض مع الالتزامات الدولية.
كما توجد حالة تدخل في نطاق أعمال السلطة القضائية و ترتب المسؤولية الدولية, و هي خالة "إنكار العدالة" أو الاستنكاف عن إحقاق الحق.([18])
- و تسأل الدولة أيضا إذا وقع " إنكار العدالة " من قبل سلطاتها القضائية.
و قد عرف " إنكار العدالة "تعريفات متعددة : فقيل أنه الظلم الظاهر أو الخطأ الواضح في ممارسة العدالة, أو التدليس في الحكم, أو سوء النية فيه, و يفرق هنا بين إنكار العدالة و بين الحكم القضائي الذي ينطوي على خطأ في الوقائع, أو في التقدير, إذ الأول سيتوجب المسؤولية الدولية, و الثاني لا يرتبها.
- و قد ذكرت هذه التفرقة في المادة (09) من مشروع الاتفاقية التي أعدتها جامعة هارفرد في موضوع مسؤولية الدول عن الأضرار التي تقع على إقليمها لأشخاص أجانب أو لأموالهم " يوجد إنكار للعدالة إذا وقع في المحكمة تسويف لا مبرر له, أوصل بين الأجنبي و بين الالتجاء للقضاء, أو وجد نقص كبير في إجراءات التقاضي, أو إذا تتوافر الضمانات التي لا غناء عنها لحسن سير العدالة, أو إذا صدر حكم ينطوي على ظلم واضح.أما الخطأ الذي تقع فيه المحكمة و الذي لا يستشف منه الظلم الواضح فلا يعد إنكارا للعدالة".([19])
- و قد أعتبر من قبيل إنكار العدالة في هذا المجال:
1- حرمان الأجانب عموما, أو رعايا دولة واحدة أو عدة دول خصوصا من الالتجاء للقضاء, أو رفض الدولة النظر في القضية لمجرد أن المدعي ليس وطنيا.
2- فساد الجهاز القضائي, و يعتبر الجهاز القضائي فاسدا إذا ما كان مستوى تنظيمه أو سيره دون المستوى المعقول المتعارف عليه بين الدول, كانتشار الرشوة بين القضاة, أو تأخير الفصل في الدعاوي المرفوعة من الأجانب لمدة مبالغ فيها....و يعتبر من قبيل فساد الجهاز القضائي تدخل الحكومة للتأثير على القضاة.
3- الأحكام الظالمة ظلما بينا, و هي الصادرة بسوء نية في مواجهة الأجانب.([20])
المبحث 2 : المسؤولية الدولية للمنظمات الدولية :

أقرت محكمة العدل الدولية الشخصية الدولية للمنظمات الدولية و ذلك في الرأي الاستشاري الذي أصدرته في 19 أبريل 1949 بمناسبة الاستفسار عن حق الأمم المتحدة في تقديم طلب تعويض عن الأضرار التي تصيب موظفيها.([21])
حيث اعتبرت المنظمات الدولية من أشخاص القانون الدولي العام و قد استقر الرأي في الفقه و القضاء الدوليين على المسؤولية الدولية للمنظمات الدولية سواء كانت عالمية مثل : الأمم المتحدة أو إقليمية مثل : جامعة الدول العربية.([22])
مطلب 1 : دعوى المسؤولية الدولية المرفوعة ضد المنظمات الدولية :
إذا ارتكبت المنظمة الدولية فعلا غبر مشروع دوليا أو حتى فعل مشروع لكن ترتب عليه الضرر للغير و أسند هذا الفعل للمنظمة الدولية فيجوز هنا تحريك دعوى المسؤولية كأن تقوم المنظمة بمخالفة المعاهدة المنشئة لها أو خالفت مقاصد إنشائها أو مبادئ القانون الدولي ..([23])
مطلب 2 : مدى سريان المسؤولية الدولية على المنظمات الدولية غير الحكومية :
لقد استقر الفقه الدولي على إضفاء الشخصية القانونية الدولية على هذه المنظمات خاصة و أنه تتوافر فيها الشروط و الأوصاف التي يجب توافرها في المنظمات الدولية. كما أن اتفاقيات جنيف أصبغت وصف الشخصية الدولية على لجنة الصليب الأحمر رغم كون هذه المنظمات غير حكومية.
-و طالما تم الاتفاق على منح الشخصية القانونية لهذه المنظمة فانه بالتالي يسري عليها النظام القانوني للمسؤولية الدولية حيث تستطيع المطالبة بالتعويضات لما قد يلحق أفرادها من أضرار نتيجة تصرفات الأشخاص الدولية الأخرى كما يجوز رفع دعوى المسؤولية الدولية في مواجهتها في حال ارتكابها أفعالا ترتب أضرارا للآخرين سواء مشروعة أو غير مشروعة.([24])
المبحث الثالث : المسؤولية الدولية للأفراد و الأشخاص المعنوية :

انتهى الفقه الدولي أخيرا إلى أن الفرد يعتبر من أشخاص القانون الدولي.([25]) و لذلك رتب في حقه المسؤولية الدولية خاصة عن الجرائم الدولية منذ عهد عصبة الأمم المتحدة سواء كانت جرائم إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب ,أو جريمة العدوان و هو ما انتهى إليه أشخاص القانون الدولي مع المصادقة على النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
* أما عند الحديث عن الأشخاص المعنوية مثل الشركات بأنه لم يتم اعتبارها كشخص من أشخاص القانون الدولي, بل يسري عليها القانون و القضاء الداخلي.([26]) (كانت محاولة لإدخال الشركات المتعددة الجنسيات لكن لم تتم)
و لقد اختلف الفقه حول التأسيس لهذه المسؤولية ما بين السيادة الإقليمية و الاختصاص الشخصي أو حتى المسؤولية التبعية.
لكن أغلب الفقه عند هذه المسؤولية هي مباشرة حيث يقول الفقيه (بول روتر) ''من واجب الدولة ضمان استتباب الأمن و النظام العام على إقليمها و تنتج المسؤولية الدولية عن عدم قيامها بهذا الواجب الضروري …. لا تنتج من فعل الفرد الذي ليس شخصا في القانون الدولي ''
- سند الفعل إلى أحد أشخاص القانون الدولي :
* و تجدر الإشارة في هذا المجال أن بقية أشخاص القانون الدولي غير الدولة تساءل حسب درجة شخصيتها القانونية(ناقصة سيادة,داخلة في اتحاد فيديرا لي) و كذلك المنظمات الدولية و منها هيئة الأمم المتحدة و التي تتمتع بحصانة أمام القضاء الوطني و لذلك فإنها تقدم تعويضات جزائية عن الأضرار التي بالغير من جراء نشاطها.(حفظ الأمن)
* و باستثناء إمكانية إنشاء محاكم تحكم لبعض النزاعات التي قد تكون طرفا فيها بأنها لا تقاضى أمام محكمة العدل الدولية و هي احد فروعها و لا تصدر أحكام تجاهها, بل فقط آراء استثنائية.
الفصل الرابع: الحماية الدبلوماسية:

قد يكون العمل غير المشروع المنسوب للدولة قد سبب أضرارا لحقت برعايا دولة أخرى فقط و ليس بذات الدولة التابع لها الرعايا و في الوقت الحالي لا يمكن للشخص الطبيعي أن يرق لمقاضاة دولة أجنبية دوليا.
لذلك تقوم دولته بالمطالبة بحقوقه و حمايته ضمن ما سيق ''تبني النزاع في إطار الحماية الدبلوماسية '', و هو أيضا ''الحماية الدبلوماسية '' و قد سار القضاء الدولي على هذه الممارسة منذ القرن 20 .
1- تعريفها:
- و الحماية الدبلوماسية هي تبني الدولة قضايا الأفراد المتمتعين بجنسيتها للدفاع عنهم في مواجهة دولة أحرى و هي حق للدولة و ليس للفرد, و لذلك بان دعوى المسؤولية الدولية التي تحركها الدولة المدعية لحماية مواطنيها دبلوماسيا هي علاقة قانونية بين الدولتين المدعية و المدعى عليها لا شأن للفرد بها.(ذات علاقة بسيادة الدولة على أفرادها)
* و قد بينت محكمة العدل الدولية الدائمة في حكمها الصادر سنة 1924 في قضية مافروماتيس (يوناني في فلسطين كانت له عقود التزام,……. بريطانيا):'' أن لكل دولة الحق في أن تحمي رعاياها إذا لحقهم ضرر نتج عن أعمال مخالفة للقانون الدولي صدرت من دولة أخرى و ذلك في حالة إذا لم يستطع الرعايا الحصول على حقهم بالوسائل القضائية, و أن الدولة حينها تتبنى دعاوى رعاياها بالطرق الدبلوماسية أو أمام القضاء الدولي تؤكد حقها في أن يعامل رعاياها وفقا لقواعد القانون الدولي العام ''

* و من نتائج هذا التكييف (الحماية الدبلوماسية علاقة بين الدولتين):
1- للدولة مطلق الحرية في التدخل أو عدم التدخل لحماية مواطنيها.
2- للدولة الحق في التنازل عن حقها في حماية رعاياها سواء بعد وقوع الفعل الضار أو قبل وقوعه. كما لها الحق في التنازل عن دعوى المسؤولية في أي مرحلة بل و التنازل عن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحتها بعد صدوره, دون أهمية لرضاء الفرد.
3- للدولة مطلق الحرية في اختيار وقت تحريك الدعوى و في الجهة القضائية التي تلتجئ إليها.
4- للدولة الحق في التصالح مع الدولة المدعى عليها.
5- إذا ما حكم للدولة المدعية بالتعويض قلها الحرية في تحديد كيفية التصرف فيه دون الالتزام بتسليمه كله أو بعضه للفرد موضوع الحماية, إذ التعويض حق للدولة و ليس للفرد.

2- شروط مباشرة الحماية الدبلوماسية :
هناك ثلاثة(03) شروط يمارس بموجبها الدولة حقها في حماية رعاياها:
* وجود علاقة قانونية بين الشخص و الدولة (الجنسية):
حيث يجب أن يتمتع الشخص المضار بجنسية الدولة التي تباشر الحماية الدبلوماسية سواء شخص طبيعي أو معنوي و قد توسعت محكمة العدل الدولية في قضية الجنسية بتأكيدها على نظرية الرباط الأصيل أو الحقيقي لإثبات الجنسية, و طبعا يبقى لكل دولة تحديد شروط جنسيتها.
- و يثير موضوع الجنسية إشكالية حماية عديمي الجنسية حيث كانوا لا يتمتعون بالحماية الدبلوماسية, و لكن مشروع قانون 2006 و المتعلق بالحماية الدبلوماسية أعطى لهم حق الحماية بتدخل الدولة التي يقيمون عليها(المادة 8 من المشروع)
كما لا يجوز مباشرة الحماية الدبلوماسية إذا كان الشخص المضار يحمل جنسية الدولتين المسئولة و المدعية (المادة 3 من المشروع)
- أما في حالة تمتع الشخص بجنسية الدولتين و حدث له الضرر من دولة ثالثة فقد سار القضاء الدولي في هذا الخصوص إلى تفضيل تتدخل الدولة التي ينتمي إليها الشخص واقعيا و لذلك يؤخذ الاعتبار مثلا بدولة أدائه الخدمة العسكرية أو تولي وظيفة عامة فيها ,أو الإقامة فيها …., أو بالتعاون مع الدولتين (المادة 5 من مشروع قانون 2006)
- و بالنسبة للوقت الذي ينظر فيه إلى الجنسية المضار فقد اعتد المشروع بأن الشخص يتمتع بحماية دولة معينة إذا كان مكتسيا لجنستها وقت وقوع الفعل الضار في حقه أو وقت رفع الدعوى على الدولة المسؤولة(استمرارية الجنسية)(المادة 5 من ذات المشروع).
- و إذا ما اكتسب الشخص جنسية الدولة التي أضرت به بعد رفع الدعوى عليها, فقد دولته الأصلية حقها في الحماية الدبلوماسية.
- كما يحار موضوع حماية اللاجئين حيث تحميه الدولة التي يلجأ إليها لكن هذه الدولة لا تتدخل إذا كان الضرر قد أصاب اللاجئ من قبل دولته(يحمل جنسيتها) (المادة Cool
- أما فيما يتعلق بحماية الشخص المعنوي (سفن) و خاصة الشركات فقد عمل القضاء الدولي على الاعتداد بجنسية دولة التسجيل و التأسيس.
أما مشروع 2006 فقد اتخذ هذا المبدأ و أضاف مؤكدا على عمل القضاء الدولي أيضا أنه يعتد بجنسية دولة مركز إدارة الشركة أو بجنسية أكبر مالك لأسهمها.

** استنفاذ جميع وسائل التقاضي الداخلية:
إذ يجب على الأجنبي الذي يطالب بحق من الحقوق اللجوء أولا إلى سلطات و محاكم الدول التي يقيم بها لأجل إعطائها فرصة تعويض الضرر الذي أحدثته فان لم يحدق كان لدولته التدخل للحماية و قد نص المشروع 2006 على هذا الشرط في المادة 14 منه.
- لكن وضع أيضا حالات يمكن من خلالها تجاوزه(المادة 15 ) منها:
1- أن لا توجد وسائل معقولة تسمح بالحصول على التعويض المعقول.
2- التأخر الكبير في دراسة الطعون.
3- حرمان الأجنبي من اللجوء للقضاء.
4- تنازل الدولة المسؤولة عن هذا الشرط.
*** شرط الأيدي النظيفة :
يشترط أخيرا إلا يكون قد صدر من الشخص المضار فعل مخالف للقانون الدولي و يضر بالدولة الموجود فيها و هو ما يطلق عليه شرط (الأيدي النظيفة) فمثلا إذا ما صودرت أموال أجنبي ترجع لاشتراكه في ثورة داخلية أو مؤامرة فهنا من غير المقبول تدخل دولته لحمايته.([27]) '' مع أنه تسعى الدول حاليا (كندا) إلى رفع هذا الشرط معتمدة على حقوق الإنسان التي يجب تحترمها الدول جميعا و التدخل من أجل الحفاظ عليها ''.
أهلية المنظمات الدولية لمباشرة الحماية الدبلوماسية :
لا جدال لدى الفقه و القضاء الدوليين حول حق المنظمة الدولية في مباشرة الحماية الدبلوماسية لموظفيها و أساس ذلك هو الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية سنة 1949 و الذي مفاده أنه يحق للمنظمة الدولية أن تباشر نظام الحماية الدبلوماسية بالنسبة للتابعين لها من الموظفين ضد الدولة التي وقع على إقليمها الاعتداء كما أكد الحكم على جواز طلب التعويض عن الأضرار التي تلحق بالموظفين و يرى غالبية الفقه أن أهلية المنظمة في ممارسة الحماية الدبلوماسية عي أهلية مطلقة تجاه الدول و الأشخاص الدولية حتى و لو لم تكن تلك الدول و الأشخاص قد اعترفت بتلك المنظمة.
مبدأ دراغو:
و ينص على :'' أن الدين العام لا يمكن أن يكون سببا في قيام حق التدخل أو احتلال أية أرض أمريكية من جانب أية دولة أوروبية ".
و جاء هذا المبدأ نتيجة لما حصل من استعمار القوة من جانب دول الأجانب المتضررين من أجل إرغام الدولة الضارة على وفاء التزاماتها.
و قد تبنى مؤتمر لاهاي الثاني عام 1907 ما يعرف (ميثاق بورتر) و اتفقت الدول بموجبه على عدم استخدام القوة المسلحة لاسترداد ديون العقود شريطة قبول الدولة المدنية عرضا بالحكم فإذا ما أخفقت الدولة في تنفيذ القرار كان ذلك حلا للدولة الدائنة من وعدها بعدم اللجوء للقوة.
الفصل الرابع : الجزاء في المسؤولية الدولية :

المبحث الأول : الالتزام بالتعويض في المسؤولية الدولية :

حتى يفرض الالتزام بالتعويض في المسؤولية الدولية يجب أولا أن يكون هناك ضرر نتج عن العمل غير المشروع و أن تثبت علاقة السببية بينهما.
و قد عرق الضرر في مختلف القوانين الداخلية بأنه '' الأذى الذي يصيب شخصا في حق من حقوقه أو في مصلحة من مصالحه المشروعة سواء في جسمه أو عاطفته أو شرفه أو عرضه أو ماله.... ''.
و على المستوى الدولي عرف الضرر بأنه '' المساس بحق أو مصلحة مشروعة لأحد أشخاص القانون الدولي ''.
فالضرر يظل دائما عنصرا أساسيا للمطالبة بالتعويض وقد يكون ضررا ماديا أو معنويا (و هو مهم في العلاقات الدولية),و قد يحيى الضرر الدولة كشخص دولي كما قد يميت أحد رعاياها.
- و من ثم تكون النتيجة الطبيعية لثبوت المسؤولية الدولية وجوب إصلاح الضرر الذي ألحقته الدولة المسؤولة بالشخص المضرور.
و يحكم هذا التعويض مبدأ جوهري أكده القضاء الدولي و هو أن يؤدي التعويض- بقدر الإمكان- إلى إزالة جميع آثار العمل غير المشروع و أن يعيد الحال إلى ما كان عليه أي أن مفهوم التعويض هنا هو " الإصلاح المادي ",و إن لم يكن ممكنا يمكن دفع تعويض مالي مع قيمة الشئ الذي أصابه الضرر.
(الأساس في المسؤولية الدولية هو التعويض و ليس معاقبة صاحب التصرف غير المشروع).



المبحث الثاني: أنواع أو صور التعويض:

يقدر التعويض اللازم سواء من حيث الشكل أو المقدار إما بالاتفاق بين الأطراف المتنازعة أو عن طريق التحكيم الدولي أو بواسطة القضاء الدولي(محكمة العدل الدولية).
لكن لا تخرج أشكال التعويض الدولية عن الآتي :
1)- التعويض العيني: حيث يتم إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل وقوع العمل غير المشروع كإعادة الأموال المصادرة دون وجه حق أو إصلاح ما تم هدمه, أو هدم ما بني بغير حق....
2)- التعويض المالي : حيث تلتزم الدولة المسؤولة بدفع مبلغ من المال يوازي- قدر الإمكان- ما لحق المضرور من ضرر و هو ما تقدره المحكمة و هذان النوعان هما صورتا التعويض عن الضرر المادي.
3)- أما مقابل الضرر المعنوي فهناك أسلوب الترضية و الذي يتم تعويضا عن الأضرار التي لا تقبل التعويض المادي.
حيث قد تحدث مثلا: خرقا للمجال الجوي لدولة ما, أو التدخل في الشؤون الداخلية عن طريق الخطابات, أو اتهام الدولة... فهذه أفعال تمس أكثر بسيادة الدولة و كرامتها على المستوى الدولي دون أن تخلف ضررا ماديا مباشرا و لذلك يتخذ الإصلاح هنا الطابع السياسي أو المعنوي كإصدار اعتذار رسمي أو الاعتراف بالخطأ, أو إصدار تكذيب رسمي و قد يقتصر الأمر على معاقبة الأشخاص المتسببين في الخطأ, و في بعض الحالات قد يحدث ضرر مادي و مع ذلك تكتفي الدولة بالإرضاء السياسي أو استصدار قرارات بالإدانة من محكمة أو منظمة دولية, رغم حدوث الضرر المادي.
و من أمثلة هذا النوع من التعويض :
ما حدث بين الو.م.أ و إيران عام 1934 عندما قبض رجال الشرطة الأمريكية على أحد أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني عندما كان يقود سيارته بسرعة فاحتجت إيران بمخالفة القواعد المتعلقة بالحصانة الدبلوماسية فقامت عندها الو.م.أ بالاعتذار لسفارة إيران عن طريق وزارة الخارجية و اتخذت إجراءات المتابعة ضد رجال الشرطة باعتبارهم ارتكبوا خطأ أثناء ممارسة وظيفتهم.
و عموما يراعى عند تقديم التعويض شرطين أساسيين:
* أن يماثل التعويض الضرر مماثلة حقيقية حيث لا يزيد عنه ولا يقل (بالنسبة للضرر المادي)
** أن يشمل التعويض ما لحق الدولة من ضرر و ما فاتها من كسب (مثال السفينة المحجوزة)
(و يجب أن يكون المعيار متوسط حتى لا يكون هناك تعسف في تقاضي التعويض)
الفصل الخامس : انتفاء المسؤولية الدولية :

يمكن للدول ان تأتي أعمالا غير مشروعة أو ترتكب أخطاء أو تحدث مخاطر تلحق أضرارا بالغير دون تحمل المسؤولية الدولية و ذلك في بعض الحالات منها :
(1)- حالة رضا الدولة : حيث تحول هذا الرضا دون تحري المسؤولية أي كأنه تحول العمل غير المشروع الى عمل مشروع-على الأقل-و مثال هذه الحالة قبول الاحتلال كما حدث عام 1958 حيث رضت المملكة الأردنية باحتلال القوات البريطانية عقب ثورة العراق.
(2)- حالة الدفاع عن النفس : (طبقا لمبدأ حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي):
و الذي يعني الحق المقرر لدولة أو مجموعة دول في استخدام القوة لصد عدوان مسلح.... مع وجوب كون استخدام تلك القوة الوسيلة الوحيدة الباقية لدرء العدوان و متناسبا معه فهذا يعفي الدولة من المسؤولية الدولية.
(3)- حالة القوة القاهرة : و المتمثلة في الحادث الطارئ أو المفاجئ و غير ممكن الدفع و دون أي خطأ من الدولة مثل حالات الانقلاب أو الزلازل ....
(4)- في حالة خطأ المضرور: مثل عدم احترام قانون منع التجول من أجنبي فأصابه ضرر نتيجة لذلك.
الفصل السادس : بعض الأمثلة عن ترتب المسؤولية الدولية :

المبحث الأول : مسؤولية الدول الاستعمارية :

نظرا لتطور القانون الدولي في المجتمع الدولي المعاصر خاصة تطور القواعد القانونية الخاصة بضمانات حقوق الإنسان في حالتي السلم و الحرب فقد أكد فقه القضاء الدولي المسؤولية الدولية للدول الاستعمارية في صورتين : المالية و الجنائية.
1)- المسؤولية المالية : أي تحمل الدولة المستعمرة مسؤولية الالتزام بالتعويض عن كل الأضرار و الخسائر التي تلحق السكان المحليين بسبب الجرائم المرتكبة خرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني و تجد هذه المسؤولية أساسها القانون الدولي الاتفاقي في المادة (03) من اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 و التي نصت على أن مخالفة نصوص هذه الاتفاقية ترتب دفع تعويضات مالية.(مطالبة فرنسا بالاعتذار و التعويض عن الأضرار )
2)- المسؤولية الجنائية : أي مساءلة الأفراد التابعون للدول الاستعمارية جنائيا عن الجرائم التي ارتكبوها.
المبحث الثاني : المسؤولية الدولية عن أعمال الإرهاب الدولي :

حيث تتحمل هذه الدول المسؤولية إذا ما أخلت بأحد التزاماتها المتعلقة بمنع و قمع الأعمال الإرهابية المضادة للإنسانية سيما إذا أضرت بدول أخرى, و من أمثلة هذه الحالات :
1- إخلال الدولة بأحد التزاماتها التعاقدية المتعلقة بمنع و قمع الأعمال الإرهابية مثل : الاتفاقيات الدولية المناهضة لاختطاف و حجز الرهائن, الاتفاقيات الخاصة بحماية أمن الطيران المدني, الاتفاقية الأمريكية لمنع و قمع الإرهاب, حيث يضع الانضمام لهذه الاتفاقيات التزاما على عاتق الدول كسن تشريعات وطنية تجرم الأعمال الإرهابية و العقاب عليها و كذا إمكانية تسليم المجرمين إلى سلطات الدول الأخرى عند الاقتضاء , التعاون الدولي في مجال المعلومات .....
و بالتالي فأي إخلال من الدول لهذه الالتزامات يحمل الدولة المسؤولية الدولية و قد تتعرض لجزاءات معينة زيادة على التعويضات اللازم تقديمها للمتضررين.
2- عدم احترام توصيات و قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بمنع و قمع الإرهاب الدولي و منها إعلان مبادئ القانون الدولي التي تمس العلاقات الودية و التعاون بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة (24/10/1970 )
'' يجب على كل دولة أن تمتنع عن تنظيم أو تشجيع أعمال الحب المدنية أو الأعمال الإرهابية على إقليم دولة أخرى أو تقديم المساعدة لها أو الاشتراك فيها أو السماح على إقليمها بأنشطة إرهابية تهدف إلى ارتكاب هذه الأفعال.... ''.
3- ارتكاب الدول أعمال إرهابية بواسطة موظفيها و أعوانها سواء داخل إقليمها أو أقاليم أخرى مثال : ما قامت به الو.م.أ حيث قنبلت عاصمة ليبيا في 15/04/1986 مما أدى إلى قتل عدد من الأفراد, عدا عن الخسائر المادية الجسيمة ...., و كذا ممارسات إسرائيل في فلسطين, و الو.م.أ في عالم اليوم (إرهاب الدولة)
المبحث الثالث : المسؤولية عن الأعمال المهدرة لحقوق الانسان :

حيث يتسم المجتمع العالمي الحديث بوجود المنظمات الدولية التي تسعى بحماية حقوق الانسان و التي أصبحت خارجة عن نطاق الاختصاص الداخلي للدول حيث أبرمت العديد من الاتفاقيات و المعاهدات الخاصة بحقوق الانسان و التي فرضت التزامات ثقيلة على عاتق الدول المنظمة اليها لذلك فكل دولة تأتي بتصرفات تهدر هذه الحقوق يجب أن تتحمل المسؤولية الدولية و قد تتخذ في حقها أيضا إجراءات خاصة بالتدخل الانساني كما حدث سنة 1993 بالنسبة للصومال حيث قررت الو.م.أ ارسال قوات الطوارئ الدولية بهدف انهاء الحرب الأهلية و انقاذ ضحايا المجاعة, ة كما حدث في البوسنة .....
المبحث الرابع : مسؤولية الدولة عن أعمال رعاياها :

اذ قد يحدث أن يقوم بعض الأفراد في اقليم دولة معينة بأعمال عدوانية قد تكون مخلة بقواعد القانون الدولي ضد دولة أجنبية كاهانة رئيس هذه الدولة أو اهانة علمها أو مساعدة حركة تمرد فيها,.... قتتحمل الدولة المسؤولية الدولية لأنها أخلت بواجب حفظ النظام العام على اقليمها, و التزامها هذا يأخذ صورتين : واجب المنع , واجب القمع.
(1)- واجب المنع : اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لمنع حدوث التصرفات الضارة بالأجانب من طرف رعاياها و واجب المنع هو واجب الحماية أي الاحتياط للأمر بصفة دائمة و عمليا يصعب اثبات عدم قيام الدولة بواجب المنع لكن حدد بعض الفقهاء بعض المعايير تكشف تقصير الدولة ان وجد :
1-رفض الدولة اتخاذ التدابير اللازمة على الرغم من مطالبة الاشخاص المعنيين بتلك التدابير كرفضها ارس قوات مسلحة لحماية الأجانب في منطقة خطيرة .
2- اشتراك الشرطة أو الجنود أو الموظفين في الأعمال ضد الأجانب.
3- عدم اكتراث الموظفين لعمل غير مشروع أو التورط فيه.
و من الأحكام الشهيرة في هذا الصدد الحكم الذي أصدرته لجنة التحكيم المختلفة سنة 1920 و التي اتفقت على تشكيلها الو.م.أ و بريطانيا للفصل في القضية المعروفة باسم (الجمعية التبشيرية الداخلية) : و تتلخص وقائع هذه القضية في أن جمعية أمريكية دينية كانت تباشر نشاطها التبشيري في إحدى المحميات البريطانية في إفريقيا (السيراليون) و وقع عليها اعتداء أثناء قيام احدى المظاهرات فطالبت الحكومة الأمريكية تعويض رعاياها عن الأضرار التي أصابتهم على أيدي المتظاهرين فرفضت لجنة التحكيم ذلك على أساس عدم قيام الدليل على تقصير الحكومة البريطانية في تقديم الحماية اللازمة للأجانب في المحمية و قد ذكرت لجنة التحكيم في قرارها أن : '' من المبادئ المستقرة في القانون الدولي ان الحكومات لا تسأل عن أفعال المتظاهرين ما لم يثبت قبلها أي اخلال بواجباتها أو تقصير في قمع الفتنة ''.
و جاء في تقرير وضعته لجنة المشرعين التي كلفت ببحث النزاع بين اليونان و ايطاليا سنة 1923 القول : '' ...ان مسؤولية الدولة لا تثبت لمجد ارتكاب جريمة ضد أشخاص الأجانب في إقليمها و إنما يلزم أن تكون الدولة قد أهملت في اتخاذ التدابير المعقولة لمنع وقوع الجريمة أو لتتبع الجناة و القبض عليهم و محاكمتهم ولا شك أن الصفة الرسمية لأحد الرعايا الأجانب و الظروف التي قد تحيط بوجوده على اقليم دولة تفرض على الدولة المزيد من الحيطة و الحذر ''.
(2)- واجب القمع : حيث يتعين على الدولة أن تبذل كل ما في وسعها لمتابعة المتسببين في الضرر و كذا تأمين التعويضات اللازمة للأجانب, و تتحمل الدولة المسؤولية عن إخلالها بواجب القمع عندما :
1- ترفض الدولة متابعة المجرمين أو الامتناع عن محاكمتهم و متابعتهم.
2- التهاون في المراقبة مما يسهل الفرار.
3- إصدار عفو عام أو خاص بعد صدور الحكم, و في هذه الحالة إذا كان العفو مسقطا للتعويض تتحمل الدولة المسؤولية عن دفعها و إذا لم تؤدها تسأل على أساس إهمالها في تأمين التعويضات.
المبحث الخامس : مسؤولية الدولة في حالة قيام ثورة أو حرب :

و يفرق هنا بين ثلاث أنواع من الأضرار :
1- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب أعمال القتل :
حيث لا تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب بسبب الأعمال التي تقوم بين قوات الحكومة و الثوار أو المتمردين, ذلك أن الدولة عندما تكافح هذا التمرد فإنما تسهر على حفظ النظام العام و الأمن في إقليمها, و لهذا لا يستطيع الأجنبي الذي دمر منزله مثلا أثناء الع
المبحث الخامس : مسؤولية الدولة في حالة قيام ثورة أو حرب :

و يفرق هنا بين ثلاث أنواع من الأضرار :
1- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب أعمال القتل :
حيث لا تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب بسبب الأعمال التي تقوم بين قوات الحكومة و الثوار أو المتمردين, ذلك أن الدولة عندما تكافح هذا التمرد فإنما تسهر على حفظ النظام العام و الأمن في إقليمها, و لهذا لا يستطيع الأجنبي الذي دمر منزله مثلا أثناء العمليات أن يطالب بالتعويض, و أكد القضاء الدولي هذا المبدأ في القرار ألتحكيمي في النزاع بين بريطانيا و اسبانيا حول طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت رعايا بريطانيا في المنطقة الاسبانية من مراكش سنة 1926 حيث جاء فيه ما يلي : '' لا يمكن أن تعتبر الدولة مسؤولة عن نتائج التدابير التي تتخذها لفرض النظام العام أو مقاتلة العدو بالقوة المسلحة لأن عملها هذا يعتبر من واجباتها الأساسية , كما لا تسأل عن الأضرار الناشئة عن العمليات العسكرية التي تقوم بها جيوشها.
2- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب أعمال الحكومة خارج نطاق القتال:
و تسأل الدولة في هذا الإطار كما لو صادرت أموال الأجانب أو دمرت ممتلكاتهم دون توافر الضرورة العسكرية, او الاعتداء عليهم ...
3- مسؤولية الدولة عن أعمال الثوار :
و هنا تجب التفرقة بين حالتين:
الأولى انتهاء الحرب أو القتال بانهزام الثوار, و الثانية بانتهاء الحرب بانهزام الحكومة.
أ)- حالة انتصار الحكومة:
كقاعدة عامة لا تسأل عن أعمال الثوار و يبرر الفقهاء ذلك بأن الحكومة الشرعية التي هزمت الثوار لا تعتبر مسؤولة عن الأضرار التي تسببوا فيها لأنهم خارجين عن القانون, لكن تتحمل الدولة المسؤولية في الحالتين :
1- إذا ثبت تقصير الدولة في اتخاذ الحيطة للمحافظة على الأجانب.
2- تتحمل الدولة المسؤولية الدولية في حالة العفو عن الثوار كأن تمنحهم مناصب سامية مما يعني ارتضاء الأضرار التي ولدتها الثورة , أو اعتراف لاحق بما قام به الثوار.
ب)- حالة انتصار الثوار :
في هذه الحالة تتحمل الدولة الجديدة المسؤولية عن الأضرارالتي تسبب بها الثوار للأجانب على اعتبار أن الدولة يجب أن تكون مسؤولة عن أعمال سلطاتها (ق.تش.تن) اضافة الى أن أشخاص الدولة الجديدة يعتبرون مؤيدين لما قام به الثوار معترفين بشرعيته.

الفصل السابع : المسؤولية الدولية عن الانشطة غير المحظورة دوليا تحكمها دوليا نظرية المخاطر و مبدا حسن الجوار.
المبحث الاول ك المسؤولية الدولية على اساس المخاطر


ماهية المسؤولية الدولية على اساس المخاطر
بسبب التقدم العلمي و التطور التكنولوجي تزايدت المخاطر في الكجتمع الدولي، و ظهرت بذبك المسؤولية الدولية المطلقة على اساس المخاطر، و مضمون هذه النظريةن و التي تعد الفقيه (بول فوشي) مؤسسها سنة 1900، يتلخص في ترتيب. المسؤولية الدولية اذا ما وقع ضررر او خطر محدق و لو كان العمل مشروعا.
حيث يقع الالتزام بعد حدوث الضرر على عاتث الدولة التي نشات في نطاق ولايتها او تحت رقابتها الفعلية نشاط بالغ الخطورة يهدد بالحاق اضرار جسيمة بالغير، ومفهوم المنع في هذا النطاق يتمثل اتخاذ الاجراءات و التدابير الوقائية اللازمة التي تقلل احتمال الضرر او على الاقل تخفيف شدته، دون أو خطر للنشاط الخطر ذاته.
· و قد يتحمل هذا الالتزام الدولة مصدر النشاط وحدها، كما قد يتحمله معها الدول التي يتوقع أن تتأثر بحدوث الضرر.
مثال ذلك: في عمليات نقل البحري، يقع على عاتق دولة العلم التزام اتخاذ كافة التدابير الامنية بمنع حدوث الضرر و تخفيف الى ادنى حد ممكن، و نشا التزام على عاتق الدول الساحلية المستقبلة لناقلات النفط اتخاذ التدابير الضرورية لسلامة الملاحة في مياهها الاقليمية، و في موانئها، بما في ذلك ارشاد السفن عند دخولها و خروجها من الموانئ .
- و قد كانت هذه النظرية معروفة في القانون الرومني و كذا في العصور الوسطى فيما سقى قانون المناجم حيث كانت عمليات التعدين تستند لفكرة المسؤولية دون خطأ.
- كما اقام الفقهاء المسلمون على اساس الضمان الذي بمقتضاه يعد الضرر وحده منشا الالتزام بالتعويض دون النظر في السلوك.
2) نظرية المخاطر في الفقه و القضاء:
كما ذكر، دخلت هذه النظرية مجال القانون الدولي بفضل الفقيه (فوتي) و سرعان ما تقبل جانب كبير من الفقه هذه النظرية منهم الفقيه (شارلو روسو) الذي اعتبرها ذات طابع موضوعي صرف يستند لفكرة الضمان.
لكن رغم تاييد النظرية فقعا ، الا انه اختلف في الاساس الذي تقوم عليه:
- حيث ذهب فريق تالى انها طبقت باعتبارها مبدا قانوني عام، معترف به في العديد من النظم القانونية للمم المتمدنة (م 38 ن ا م ع د )
- ذهب آخرون الى اسنادها لمبدا السيادة الاقليميةن و الذي يضع الدول الاخرى فيكون عليها تحمل مخاطر الانشطة التي تجري على هذا الاقليم و تضر الآخرين لاني السيادة على الاقليم كما تمنح الدول حقوقا حصرية عليه فانها تتلاءم ايضا مع واجبات تدين بها الدول لبعضها في المجتمع الدولي.
- و أنكر فريق آخر الوجود الواقعي لهذ هالنظرية كمبدأ دولي:
القضاء :
و اعتمد نظرية المخاطر اساسا للمسؤولية ففي الدعوى التي اقامتها كل من استراليا و نيوزيلاندا على فرنسا عام 1973 بشان التجربة النووية التي قامت بها فرنسا في جنوب المحيط الهادي و قد اقرت المحكمة في هذا الموضوع بضرورة اتخاذ فرنسا تدابير الحماية نتيجة تساقط المواد المشعة على استراليا و نيوزيلندا و كذا منع التجارب الاشعاعية التي يمكن ان تنتج عنها آثار ضارة على البشرية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. السيد أبو عطية , الجزاءات الدولية بين النظرية و التطبيق, مؤسسة الثقافة الجامعية , الإسكندرية 2001[1]
عبد العزيز العشاوي, محاضرات في المسؤولية الدولية ....... 2007 ص 11 [2]
محمد حافظ غانم المسؤولية الدولية ص15-16[3]
عبد العزيز سرحان , القانون الدولي العام ,ص130[4]
د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص247[5]
د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص247[6]
عبد العزيز العشاوي, المرجع السابق ص 17 [7]
[8]
[9]
د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص253[10]
العشاوي , مرجع سابق ص 26/27 [11]
د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص259 و ما بعدها . [12]
د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص 263 [13]
المجذوب , ص 256 [14]
[15]
محمد المجذوب, مرجع سابق ص 257-258 .[16]
محمد المجذوب, مرجع سابق ص 258 , أنظر أيضا عبد الكريم علوان , مرجع سابق ص .. [17]
محمد المجذوب, مرجع سابق ص258 , / عبد الكريم علوان , مرجع سابق ص ....[18]
عبد الكريم علوان , مرجع سابق ص ....[19]
محمد المجذوب, مرجع سابق ص .... , / عبد الكريم علوان , مرجع سابق ص ....[20]
"جاء في حكم المحكمة أن:"الأمم المتحدة ليست دولة أو حكومة فوق الدول الا أنها تتمتع بالشخصية القانونية اللازمة لحفظ حقوقها عن طريق رفع الدعاوى الدولية على الدول الأعضاء - [21]
و أيضا غير الأعضاء في تلك المنظمة و ذلك من أجل الحصول على تعويض عن الأضرار التي قد تلحق بها أو بموظفيها..." و أنظر : السيد أبو عطية , المرجع السابق ص 271 .
- انظر د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص271 . [22]
- انظر د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص273,محمد سعيد الدقاق,التنظيم الدولي, دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية1975 ص468-486 [23]
عبد العزيز سرحان المنظمات الدوليةو دار النهضة العربية,الطبعة 1 , القاهرة, ص 264-278 .[23]
[24] د. السيد أبو عطية , المرجع السابق ص 274/275 .
[25] - سهيل حسين الفتلاوي, القانون الدولي,المكتب المصري لتوزيع المطبوعات 2002 ص215 و ما بعدها
- د. صلاح الدين أحمد حمدي, دراسات في القانون الدولي العام منشورات ELGA 2002 ص159 و ما بعدها
- عيد العزيز العشاوي,محاضرات في المسؤولية الدولية دار هومة الجزائر 2007 ص73 ص 143.
[26] سبد أبو عطية, مرجع سابق, ص 278
[27] أنظر, محمد المجذوب, مرجع سابق ص264 .


أحدث أقدم