ثورة يافا عام 1921 | المكتبة الدبلوماسية

ثورة يافا عام 1921


في عام 1921 ، في أول أيار مايو، استؤنفت الاشتباكات التي جرت خلال ثورة النبي موسى في العام الماضي بين الفلسطينيين واليهود المدعومين بقوات الاحتلال ( الانتداب البريطاني ) .
كان السبب المباشر لهذه الثورة إقدام قادة المظاهرة التي تحركت من تل أبيب نحو حي المنشية بيافا على الهتاف بالانتقام لدم اليهود الذين قتلوا في ثورة النبي موسى في العام الماضي، وهناك بالإضافة إلى ذلك أسباب عميقة لهذه الثورة ومنها، أنه لما قرر المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث الذي انعقد في آذار 1921 رفض الانتداب ووعد بلفور، وطالب بوقف الهجرة اليهودية وإنشاء حكومة وطنية في فلسطين، ردت بريطانيا بإعلانها التمسك بالانتداب وبوعد بلفور. كما كان من الأسباب غير المباشرة أن الصحف الصهيونية دعت العرب أهل البلاد إلى الرحيل عن فلسطين إلى الصحراء العربية ! ومن الأسباب أيضا قرار بحارة ميناء يافا العرب مقاطعة البواخر التي تنقل يهوداً مستجلبين والامتناع عن تفريغها.
وكانت إقالة موسى كاظم باشا الحسيني من رئاسة بلدية القدس سببا آخر من أسباب الغضب والتوتر، وكان قد رفض قرار حكومة الانتداب البريطاني الموجه إلى بلدية القدس بأن تعتبر اللغة العبرية لغة رسمية في البلاد.
تقدمت مظاهرة حاشدة من تل أبيب باتجاه حي المنشية تصحبها وتحرسها قوات بريطانية ، فتصدى لها شباب الحي وردوها على أعقابها بعد معركة بدأها المتظاهرون، وسقط فيها عدد من القتلى والجرحى . وفي اليوم الثاني من أيار عاودت العصابات الصهيونية مهاجمة حي المنشية، ونشبت معركة أخرى استطاع أهالي يافا خلالها أن يردوا المهاجمين على أعقابهم بعد تكبيدهم الخسائر الموجعة . وفي اليوم نفسه عمدت العصابات الصهيونية إلى تغيير وجهة عدوانها بالهجوم على قرية العباسية المجاورة ليافا، والقيام بمذبحة ضد الفلاحين الآمنين . فرد أهالي القرى بالهجوم على المستعمرات المجاورة واشتبكت عشيرة أبو كشك مع القوات البريطانية التي كانت تحمي المعتدين الصهاينة، أما في اليوم الثالث فاتسع نطاق الثورة وحاول الشبان المتحمسون مهاجمة مستعمرة ملبس ( بتاح تكفا )، فتصدت لها قوات الحكومة البريطانية بإطلاق النار الكثيف الذي أوقع ستين شهيدا فلسطينيا وعشرات الجرحى . وقد طلبت الحكومة من كل من الزعيم موسى كاظم الحسيني، والمفتي الحاج أمين الحسيني، وبطريرك اللاتين تهدئة الخواطر، واتضح فيما بعد أن ذلك كان مجرد خديعة؛ لأن الحكومة أرسلت في طلب قوات من قبرص، وحالما وصلت هذه القوات نقض البريطانيون سياسة التهدئة وهوجم العرب في يافا والمناطق المجاورة .
سقط من الصهاينة والبريطانيين في هذه الثورة 47 قتيلا وجرح 146، أما العرب أهل البلاد فسقط منهم 157 شهيدا وجرح نحو 700 . ولم تكتف بريطانيا بذلك، فشكلت محاكم عسكرية أصدرت الأحكام الجائرة بحبس العديد من القادة والنشطاء، وخصت الشيخ شاكر أبو كشك بغرامة ضخمة بعدما أحرقت منزله . وكذلك فرضت حكومة الانتداب على كل من قلقيلية وطولكرم وقاقون غرامة بقيمة ستة آلاف جنيه فلسطيني.
وقد شكلت بريطانيا لجنة تحقيق بريطانية برئاسة قاضي القضاة ويدعى هايكرافت ، وقررت اللجنة أن أسباب الثورة ترجع إلى خطة بريطانيا بإقامة وطن لليهود في فلسطين، وإلى انحياز بريطانيا السافر مع اليهود وعملها على حرمان العرب من حكم أنفسهم بأنفسهم.


أحدث أقدم