مقدمة:
دبلوماسية القوة تتناقض مع دبلوماسية القوة الناعمة، التي تحاول إقناع وجذب وتأثير الآخرين بدلاً من إكراههم، عن طريق استخدام الثقافة والفنون والإعلام والتعليم والتعاون والحوار3. دبلوماسية القوة الناعمة تعتمد على بناء الثقة والصداقة والشراكة مع الآخرين، واحترام المصالح المشتركة والحقوق والحريات4.
دبلوماسية القوة لها مخاطر وعواقب سلبية على المستوى الإقليمي والدولي، فهي تزيد من التوترات والصراعات والحروب، وتهدد السلام والأمن والاستقرار، وتخلق صورة سلبية عن الدول المستخدمة لها، وتثير رفضاً وكراهية من قبل الشعوب المستهدفة. دبلوماسية القوة تضعف من مصداقية وشرعية المنظمات والاتفاقيات الدولية، التي تسعى إلى حل المشكلات بطرق سلمية وديمقراطية.
دبلوماسية القوة لها أمثلة كثيرة في التاريخ المعاصر، منها: غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، رغم عدم إثبات ذلك. فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، بسبب برنامجها النووي، رغم التزام إيران بالاتفاق الذي أبرم مع مجموعة 5+1. احتجاز تركيا لسفير هولندا في أنقرة، بسبب منع هولندا لزيارة مسؤول تركي كان يروج للاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا.
ما هي أهداف دبلوماسية القوة:
أهداف دبلوماسية القوة هي استراتيجية تستخدمها بعض الدول لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والأمنية عن طريق استخدام أو تهديد باستخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية ضد دول أخرى1. دبلوماسية القوة تعتمد على فرض الإرادة والتأثير والهيمنة على الآخرين، وتجاهل المبادئ والقيم والقوانين الدولية2.
بعض الأمثلة على أهداف دبلوماسية القوة هي:
حماية المصالح الوطنية والحفاظ على المكانة والنفوذ في المنطقة أو العالم.
تغيير نظام حكم أو سياسة دولة أخرى بالقوة أو التدخل في شؤونها الداخلية.
فرض شروط أو اتفاقات مع دول أخرى بالضغط أو التهديد أو العقاب.
منع دول أخرى من تطوير قدرات عسكرية أو اقتصادية أو سياسية تشكل تحدياً أو خطراً.
تحقيق مكاسب اقتصادية أو استراتيجية على حساب دول أخرى.
كيف يتعامل المجتمع الدولي مع دبلوماسية القوة:
المجتمع الدولي هو مصطلح يستخدم في العلاقات الدولية للإشارة إلى مجموعة من الدول والمنظمات والفاعلين الذين يتقاسمون بعض المصالح والقيم والمبادئ والقواعد في الساحة الدولية1. المجتمع الدولي ليس كيانا موحدا أو ثابتا، بل يتغير وفقا للظروف والتحديات والفرص التي تواجهه2.
كيف يتعامل المجتمع الدولي مع دبلوماسية القوة:
يعتمد على عدة عوامل، منها: نوع وشدة ومدى استخدام القوة، والأسباب والحجج التي تبررها، والأطراف المتضررة أو المستفيدة منها، والرأي العام الدولي والإقليمي والمحلي، والثقافة والتاريخ والهوية السائدين في المجتمع الدولي. بشكل عام، يمكن تصنيف ردود فعل المجتمع الدولي إلى ثلاث فئات رئيسية:
الموافقة أو التأييد:
هذا يحدث عندما يرى المجتمع الدولي أن استخدام القوة مشروع وضروري وفعال لحل مشكلة دولية أو إنسانية أو أخلاقية. مثلا، يمكن ذكر حالات التدخل الإنساني في كوسوفو أو سوريا أو ليبيا، أو حالات مكافحة الإرهاب في أفغانستان أو مالي أو سوريا.
الرفض أو الاستنكار:
هذا يحدث عندما يرى المجتمع الدولي أن استخدام القوة غير شرعي أو غير ضروري أو غير فعال أو غير مبرر لحل مشكلة دولية أو إنسانية أو أخلاقية. مثلا، يمكن ذكر حالات الغزو أو التغير النظام في العراق أو إيران أو فنزويلا، أو حالات انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين أو كشمير أو الروهينجا.
التسامح أو التجاهل:
هذا يحدث عندما يرى المجتمع الدولي أن استخدام القوة لا يمثل تهديدا أو فرصة لمصالحه أو قيمه أو مبادئه، أو عندما يكون عاجزا أو غير راغب في التصدي له. مثلا، يمكن ذكر حالات الصراعات الداخلية في اليمن أو السودان أو الصومال، أو حالات التوترات الإقليمية في شبه الجزيرة الكورية أو بحر الصين الجنوبي أو القرم.
الدبلوماسية القوة هي استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية للتأثير على سلوك الدول الأخرى أو تحقيق مصالحها. عواقب.
دبلوماسية القوة قد تكون متباينة حسب السياق والظروف، لكن بشكل عام يمكن تلخيصها فيما يلي:
دبلوماسية القوة قد تؤدي إلى تحقيق أهداف قصيرة المدى، مثل إجبار دولة على التنازل عن مطالبها أو التخلي عن سيادتها أو التعاون مع دولة أخرى.
دبلوماسية القوة قد تثير ردود فعل سلبية من الدول المستهدفة أو حلفائها أو المجتمع الدولي، مثل المقاومة أو التحالف أو الانتقام أو العزلة أو العقوبات.
دبلوماسية القوة قد تضر بالصورة والمصداقية والشرعية والنفوذ والقيم والمصالح الطويلة المدى للدولة المستخدمة لها، خاصة إذا كانت تتعارض مع المبادئ والقوانين والاتفاقيات الدولية.
دبلوماسية القوة قد تزيد من التوترات والصراعات والعنف والانتهاكات والأزمات في العلاقات الدولية، وتهدد الأمن والسلام والتنمية وحقوق الإنسان.
إذن، يمكن القول إن دبلوماسية القوة هي استراتيجية محفوفة بالمخاطر وغير مستدامة في عالم مترابط ومتعدد الأطراف. لذلك، ينصح بعض الخبراء باستخدام دبلوماسية القوة الناعمة، وهي استخدام الثقافة والإعلام والتعليم والتعاون والحوار لجذب وإقناع الشعوب والحكومات بسياسات وأفكار دولة ما12. هذه الطريقة قد تكون أكثر فعالية وشرعية وإيجابية في بناء علاقات دولية مستقرة ومتحابة.
دبلوماسية القوة هي استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية للتأثير على سلوك الدول الأخرى أو تحقيق مصالحها.
هناك العديد من الأمثلة على دبلوماسية القوة في التاريخ والواقع الحالي، مثل:
الغزو الأمريكي للعراق عام 20031:
استخدمت الولايات المتحدة قوتها العسكرية لإطاحة نظام صدام حسين وفرض نظام ديمقراطي جديد في العراق، بحجة وجود أسلحة دمار شامل وصلات مع تنظيم القاعدة. هذا التدخل أثار ردود فعل سلبية من العراق والدول المجاورة والمجتمع الدولي، وأدى إلى حرب أهلية وانتهاكات لحقوق الإنسان وتكاليف اقتصادية وسياسية باهظة.