مصر في الحرب العالمية الأولى هو موضوع مهم وشيق في تاريخ مصر الحديث. في هذا المقال، سأحاول أن ألخص أبرز الجوانب والأحداث التي شهدتها مصر خلال هذه الفترة الحرجة، والتي كان لها تأثير على مستقبلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
أولاً، يجب أن نعرف أن مصر كانت تحت الحماية البريطانية منذ عام 1882، ولكنها كانت لا تزال رسمياً جزءاً من الدولة العثمانية، التي دخلت في حرب مع بريطانيا وحلفائها في نوفمبر 1914. بسبب ذلك، قامت بريطانيا بعزل الخديوي عباس حلمي الثاني، الذي كان يميل إلى العثمانيين، وأعلنت مصر سلطنة مستقلة تحت حمايتها، وعينت الأمير حسين كامل سلطاناً لمصر. وبذلك، انفصلت مصر عن الدولة العثمانية، وأصبحت حليفة لبريطانيا في الحرب.
ثانياً، يجب أن ندرك أن مصر كانت مسرحاً لعدة عمليات عسكرية خلال الحرب، فقد شاركت قواتها في صد هجمات العثمانيين على سيناء والقنال، وفي حملات برية وبحرية في فلسطين وسوريا والعراق والجزيرة العربية. كما شاركت في إرسال قوات من سلاح العمال (المهندسين حالياً) والهجانة (حرس الحدود حالياً) إلى جبهات أوروبية مثل بلجيكا وفرنسا وإيطاليا واليونان. وقد قاتل المصريون بشجاعة وبطولة، وساهموا في إنجازات عسكرية هامة، مثل انتصارات رفح ورومانة وغزة وبئر السبع والشارق والخابور. كما قدموا تضحيات كبيرة، فقد استشهد أو أُصيب أو أُسِر آلاف منهم، ودفنوا في مقابر الكومنولث في أوروبا.
ثالثاً، يجب أن نفهم أن مصر تأثرت اقتصادياً بشدة بسبب الحرب، فقد ازداد عجز الموازنة، وارتفعت نسبة التضخم، وانخفض قيمة الجنيه المصري. كما تضررت الزراعة بسبب نقص الماء والأسمدة والأدوات. وكذلك تأثرت التجارة بسبب اضطرابات الملاحة والحصار. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب أدت إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية، مثل الفقر والجوع والمرض والجريمة. وقد عانى الشعب المصري من الظلم والاستغلال والقمع من قبل السلطات البريطانية، التي فرضت حالة الطوارئ والرقابة والتجنيد الإجباري والمصادرة.
رابعاً، يجب أن نتذكر أن مصر شهدت نهضة وطنية قوية خلال الحرب، فقد نشأت حركات سياسية وثورية تطالب بالاستقلال والحرية. وقد تصدى لها البريطانيون بالعنف والاعتقالات والإعدامات. ومن أبرز رموز هذه الحركة سعد زغلول وزملاؤه في حزب الوفد، الذين تأسس عام 1918، وطالبوا بإرسال وفد مصري إلى مؤتمر فرساي للمشاركة في تحديد مصير مصر. ولكنهم تعرضوا للتهميش والتجاهل من قبل البريطانيين، الذين رفضوا الاعتراف بحق مصر في الاستقلال. وهذا أدى إلى اندلاع ثورة 1919، التي شارك فيها جميع شرائح المجتمع المصري، وخاضوا مواجهات دامية مع قوات الاحتلال. وقد كان شعار هذه الثورة هو "حياة أو موت".
خامساً، يجب أن نلاحظ أن مصر حققت بعض المكاسب بعد الحرب، فقد اضطرت بريطانيا إلى التفاوض مع زعماء الحركة الوطنية، وأصدرت إعلان 1922، الذي أنهى حمايتها على مصر، وأعلن استقلالها جزئياً. كما تولى فؤاد الأول عرش مصر كملك دستوري، وأُجْرِيَت أول انتخابات برلمانية في تاريخ مصر. وكذلك تطورت المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية في مصر، وظهرت شخصيات فكرية وأدبية بارزة.
إلى هنا ينتهي مقالي عن مصر في الحرب العالمية الأولى. أتمنى أن يكون قد أفادكم ببعض المعلومات المهمة عن هذه المرحلة التاريخية. إذا كنتم تودون معرفة المزيد عن هذا الموضوع، يمكنكم زيارة بعض المصادر التالية: