القانون الدولى للبحار | المكتبة الدبلوماسية

القانون الدولى للبحار

تمهيد وتقسيم: كان مجال قانون البحار هو المجال الذى أدى بحق إلى ظهور القانون الدولى العام بمعناه الحديث منذ أكثر من ثلاثة قرون مضت. ويعد قانون البحار اليوم أحد المجالات البالغة الأهمية التى تشهد تطوراً هاماً فى الوقت المعاصر وهو يؤثر تأثيراً مباشراً فى الكثير من الحالات وتأثير غير مباشر فى الكثير الأخر من الحالات على مختلف المجالات والموضوعات التى يعالجها القانون الدولى العام. ولن نعمد فى هذه الدراسة الموجزة إلى التعرض لكل الموضوعات التى يعالجها قانون البحار وإنما نتقى منها عدد بسيط جدًا من هذه الموضوعات لكى تدرس بطريقة موجزة ومبسطة بما يتناسب مع القدر الضيق من الوقت المخصص للتدريس لطلبة السنة الثانية من كليات الحقوق.
وقد شهد قانون البحار عدة محاولات لتقنينه كان أهمها اتفاقيات جنيف لسنة ١٩٥٨ و واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة من عدد كبير من الدول فى ديسمبر ١٩٨٢ م . وتعد هذه الاتفاقية بحق المحاولة الأولى لتقنين شامل للغالب الأمم من قواعد قانون البحار فى اتفاقية واحدة. وقد دخلت هذه الاتفاقية فى دور النفاذ فى السادس عشر من أكتوبر ١٩٩٤ م مع بعض التعديلات التى تمت بمقتضى الاتفاقية التنفيذية المطبقة لاتفاقية قانون البحار . وبذلك أصبحت اتفاقية قانون البحار لعام ١٩٨٢ م مع تعديلاتها التى تمت بمقتضى الاتفاقية التنفيذية المطبقة لها القانون الدولى الوضعى الجديد للبحار ولكن ى عدداً كبيرًا من الدول لم يزل غير منضم لهذه الاتفاقية فإن اتفاقيات جنيف وكذلك القانون الدولى العرفى للبحار لا تزال أحكامها سارية جنباً إلى جنب مع اتفاقية سنة ١٩٨٢ م ولكن لكل النطاق الذى تسرى فيه.
فاتفاقيات سنة ١٩٥٨ م تمثل أربع اتفاقيات رئيسية تعالج المياه الإقليمية والمنطقة الملاصقة والامتداد القارى و أعالى البحار والصيد وصيانة موارد الأحياء المائية وكذلك بروتوكول إختيارى خاص بتسوية المنازعات الناتجة عن أى من الاتفاقيات الأربع لقانون البحار . وتعد هذه الاتفاقيات القانون الدولى الوضعى السارى للبحار بالنسبة للدول المنضمة إليها والتى تضم بعد لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ١٩٨٢ . زى يزال القانون الدولى العرفى للبحار سارياً بالنسبة للأحكام التى لم ترد فى أى من اتفاقيات ١٩٥٨ أو اتفاقية ١٩٨٢ م أو بالنسبة للدول التى لم تنضم إلى أى من هذه الاتفاقيات . وكذلك فإن كثيرًا من أحكام اتفاقية ١٩٨٢ م إما أنها تطبق وتقنن للعرف الدولى أو أنها انتقلت إلى العرف الدولى وتصبح بذلك ملزمة لجميع الدول بغض النظر عن كونها مضمنة فى اتفاقية ١٩٨٢ م. وبالإضافة إلى كل ذلك فإن القانون الدولى العرفى للبحار يعد المصدر الخلاق لتطوير أحكام قانون البحار بما يتلاءم مع مقتضيات الحياة الدولية وتطورها.
وسوف يرتكز عرضنا للموضوعات التى ندرسها على أساس اتفاقيات جنيف ١٩٥٨ م وكذلك ‘اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ١٩٨٢ م حسب مقتضيات الدراسة.

المبحث الأول


المياه الداخلية: المياه الداخلية هى المياة التى تلاصق سواحل الدولة أو شواطئها وتقع الى الداخل من خط الأساس الذى يبدأ من قياس عرض البحر الاقليمى وقد تضمنت اتفاقيتي ١٩٥٨ بشأن البحر الاقليمى والمنظقة الملاصقة و ١٩٨٢ الخاصة بقانون البحار نصوصاً تفيد بأن المياه الداخلية للدولة هى عبارة عن المياه الواقعة على الجانب المواجة للبر من خط الأساس للبحر الاقليمى وبعبارة أخرى المياة الداخلية هى المياة التى تقع بين خط الأساس الذى يبدأ من قياس البحر الاقليمى وبين شواطئ الدولة .
والمياة الداخلية هى جزء من إقليم الدولة يخضع لسيطرتها الكاملة ولاختصاصها الداخلى الكامل مع مراعاة ما قد يرد فى معاهدات خاصة بخصوص الموانئ.
وقد جاءت المادة الثامنة من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ م فى الفقرة الثانية من هذه المادة و أوردت استثناءات على سلطة الدولة فى المياه الداخلية فى
حالة معينة أشارت إليها هذه الفقرة بقولها : " حيث يؤدى تقرير خد الأساس المستقيم وفقاً للطريقة المبينة فى المادة ٧ إلى حصر مساحات مائية وجعلها مياهاً داخلية بعد أن لم تكن تعتبر كذلك من قبل ، ينطبق على تلك المياه حق المرور الرئ كما هو منصوص عليه فى هذه الاتفاقيات".
(مادة ٨ فقرة " ٢") وسوف نشير فى المبحث الخاص بالبحر الإقليمي لكل من فكرتى خط الأساس وحق المرور البرئ.
وهناك استثناء أخر يتعلق بالمياه الارخييلية لا ننوى الخوض فيه هنا لان التوضيح يحتاج تفصيلا كثيرًا خراج حدود الدراسة.

المبحث الثانى

البحر الاقليمى أو المياه الإقليمية: البحر الاقليمى هو عبارة عن الحزام البحرى المتاخم لشواطئ الدولة ومياهها الداخلية وهو الجزء المحصور بين الشواطئ والمياة الداخلية من ناحية و أعالى البحار من الناحية الأخرى ويخضع البحر الاقليمى لسيادة الدولة الكاملة باعتباره امتداداً لإقليمها البرئ وقد أشارت المادة الثانية من اتفاقيات سنة ١٩٨٢ م لقانون البحار إلى البحر الاقليمى بقولها: تمتد سيادة الدولة الساحلية خارج إقليمها البرى ومياهها الدخلية أو مياهها الارخييلية إذا كانت دولة أرخييلية إلى حزام بحرى ملاصق يعرف بالبحر الاقليمى.
تمتد هذه السيادة إلى الحيز الجوى فوق البحر الاقليمى وكذلك إلى قائمة وباطن أرضه.
تمارس السيادة على البحر الاقليمى هنا بمراعاة أحكام هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولى.
والواقع أن التعريف الوارد فى المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ١٩٨٢ يعتبر تقنياً للقانون الدولى العرفى وللاتفاقات الدولية فى هذا المجال وقد كان هناك خلاف حول تحديد طبيعة حقوق الدولة أو حقوق ارتقاق وقد استقر العرف الدولى على أن حقوق الدولة على البحر الاقليمى هى سيادة وقد تبنت كل من اتفاقية البحر الاقليمى والمنطقة اللاصقة لسمة ١٩٥٨ واتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ هذا العرف الدولى . وقد جاء تعريف البحر الاقليمى متمثلا فى الاتفاقيتين.
وندرس فيما يلى تحديد اتساع البحر الاقليمى وطرق قياسية فى مطلب أول ثم سلطات الدولة على البحر الاقليمى واختصاصها وحقوق السيدة عليه وما يرد عليها من قيود خاصة حق المرور الرئ فى مطلب ثان على النحو التالى:

المطلب الأول : تحديد اتساع البحر الاقليمي وطريقة قياسه : تشكيل الأحكام الواردة فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ١٩٨٢ انعكاسا للعرف الدولى الذى نما واستقر من خلال مفاوضات مؤتمر الأمم المتحدة الثلث لقانون البحار ونكتفى فى هذا المجال بعرض أحكام اتفاقية ١٩٨٢ ، غير أننا يجب أن نشير إلى أن موضع عرض البحر الاقليمى كان محل خلاف فى الفقة وفى العمل الدولى حتى جاءت اتفاقية ١٩٨٢ فوضعت أحكاما أصبحت الآن القانون الدولى العرقى فى هذا المجال ومعنى هذا أنه سواء دخلت اتفاقية ١٩٨٢ لقانون البحار دور التنفيذ أو لم تدخل فيه فإن الأحكام الواردة فيها بخصوص البحر الاقليمى تعد ملزمة دولياً باعتبارها قانون دولياً عرفياً بغض النظر عن وروده فى الاتفاقية وان كان هذا العرف قد استقر من خلال المفاوضات التى أدت إلى توقيع هذه الاتفاقية.
وقد ورد الحكم الخاص بعرض البحر الاقليمى فى المادة الثالثة من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ وتنص على أنه: " لكل دولة الحق فى أن تحدد عرض بحرها الاقليمى بمسافة لا تتجاوز ١٢ ميلاً بحرياً مقيسة من خطوط الأساس المقررة وفقاً لهذه الاتفاقية".
وجاءت المادة الرابعة محدود الخارجى للبحر الاقليمى فنصت على أن: " الحد الخارجى للبحر الاقليمى هو الخط الذى يكون بعد كل نقطة عليه عن أرق نقطة على خط الأساس مساويا لعرض البحر الاقليمى".

خط الأساس لقياس البحر الاقليمى:

أولا : خط الأساس العادى: " باستثناء الحالات التى تنص فيها هذه الاتفاقية على ذلك فإن خط الأساس العادى لقياس عرض البحر الاقليمى هو حد أدنى الجزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقاييس المعترف بها رسمياً من قبل الدولة الساحلية" ( مادة ٥ من اتفاق قانون البحار لسنة ١٩٨٢ )

ثانياً : بالنسبة لخط الأساس فى حالة الشعب المرجانية:
"فى حالة الجزر الواقعة فوق حلقات مرجانية أو الجزر المحاطة بشعب مرجانية ، خط الأساس لقياس عرض البحر الاقيلمى هو حد أدنى للجزر للشعب المرجانية باتجاه البحر كما هو مبين بالرمز المناسب على الخرائط المعترف بها رسميا من قبل الدولة الساحلية".

ثالثاً: خطوط الأساس المستقيمة: ورد الحكم بالنسبة لهذا النوع من خطوط الأساس فى المادة السابعة من اتفاقية سنة ١٩٨٢ لقانون البحار كما يلى:
١- حيث يوجد فى الساحل انبعاج عميق وانقطاع أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد الساحل وعلى مسافة قريبة منه مباشرة يجوز أن تستخدم فى رسم خط الأساس الذى يقاس منه عرض البحر الاقليمى طريقة خطوط الأساس المستقيمة التى تصل بين نقاط مناسبة.
٢- حيث يكون الساحل شديد التقلب بسبب وجود دلتا وظروف طبيعية أخرى ، يجوز اختيار النقاط المناسبة على أبعد مدى باتجاه البحر من حد أدنى الجزر بغض النظر عما يحدث بعد ذلك من انحصار فى حد أدنى الجزر وتظل خطوط الأساس المستقيمة سارية المفعول إلى أن تغيرها الدولة الساحلية وفقاً لهذه الاتفاقية.
٣- يجب ألا ينحرف رسم خطوط الأساس المستقيمة أى انحراف ذى شأن عن الاتجاه العام للساحل ويتعين أن تكون المساحات البحرية التى تقع داخل نطاق الخطوط مرتبطة بالإقليم البرى ارتباطاً وثيقاً كافيا لكى تخضع لنظام المياه الداخلية.
٤- لا ترسم خطوط الأساس المستقيمة من المرتفعات التى تنحسر عنها المياه عند الجزر ما لم تكن قد بنيت عليها منائر أو منشأت مماثلة تعلو دائما سطح البحر أو إلا فى الحالات التى يكون فيها مد الخطوط الأساس من هذه المرتفعات واليها قد حظى باعتراف دولى عام .
٥- حيث تكون طريقة خطوط الأساس المستقيمة قابلة للتطبيق بموجب الفقرة ١ ، يجوز أن تؤخذ فى الاعتبار ، فى تقرير خطوط أساس معينة ما تنفرد به المنطقة المعينة من مصالح اقتصادية تبت وجودها وأهميتها ثبوتاً جليا بالاستعمال الطويل.
٦-لا يجوز لدولة أن تطبق نظام خطوط الأساس المستقيمة على نحو يفصل البحر الاقليمى لدولة أخرى من أعالى البحار أو عن المنطقة الاقتصادية الخاصة".

رابعاً: خطوط الأساس بالنسبة لمصاب الأنهار: " إذا كان هناك نهر يصب مباشر فى البحر يكون خط الأساس خطاً مستقيماً عبر مصب النهر بين نقطتين على حد أدنى الجزر على ضفتية "(مادة ٩ من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ م").

خامساً: الموانئ: بالنسبة لتحديد خطوط الأساس لقياس البحر الاقليمى من جهة الموانئ ، ورد حكم المادة الحادية عشر من اتفاقية ١٩٨٢ لقانون البحار والتى تنص على أنه :" لأغراض تعيين حدود البحر الاقليمى ، تعتبر جزءًا من الساحل أبعد المنشأت المرفقية الدائمة التى تشكل جزءاً أصيلا من النظام المرفقى . ولا تعتبر المنشآت المقامة فى عرض البحر والجزر الاصطناعية من المنشآت المرفقية الدائمة".

سادساً: المراسى: " تدخل فى حدود البحر الاقليمى المراسى التى تستخدم عادة لتحمل السفن وتفريغها ورسوها والتى تكون لولا ذلك واقعة جزئياً أو كلياً خارج الحد الاقليمى للبحر الاقليمى"( مادة ١٢ من اتفاقية ١٩٨٢ لقانون البحار).

سابعاً: المرتفعات التى تنحصر عنها المياه عند الجزر: وردت الأحكام الخاصة بخطوط الأساس بالنسبة للمرتفعات التى تنحسر عنها المياه عند الجزر فى المادة الثالثة عشر من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ التى تقضى بما يلى:
١-المرتفع الذى تنحسر عنه الجزر هو مساحة من الأرض متكونة طبيعياً محاطة بالمياه وتعلو عليها فى حالة الجزر ولكنها تكون مغمورة عند المد وعندما يكون المرتفع الذى تنحسر عنه المياه واقعا كليا أو جزئياً على مسافة لا تتجاوز عرض البحر الاقليمى من البر أو من جزيرة يجوز أن تستخدم حد أدنى الجزر فى ذلك المرتفع كخط أساس لقياس عرض البحر الاقليمى.
٢-عندما يكون المرتفع الذى تنحسر عنه المياه عند الجزر واقعاً كلياً على مسافة تتجاوز عرض البحر الاقليمى من البر أو من جزيرة ، يكون له بحر إقليمي خاص به".

ملحوظة: لقد ذكرنا فيما سبق الأحكام التى تتعلق بطرق تحديد خط الأساس الذى يقاس منه البحر الاقليمى والتى وردت فى المواد ٥،٦،٧،٩،١١،١٢،١٣ وقد
سبق أن تعرضنا لموضوع المياه الداخلية ووضحنا أنها لا تعتبر من البحر الاقليمى وأن خط الأساس لقياس البحر الإقليمي يبدأ من الخط أو من الخطوط التى
تنتهى عندها المياه الداخلية وهناك حكم آخر يتعلق برسم أو تحديد خط الأساس بالنسبة لحالة وجود الخلجان أو المضايق وسوف تدرس هذه الحالة عند دراستنا للمبحث الخاص بالمضايق أو الخلجان.
ونلاحظ أيضا أنة قد يوجد بالنسبة لبعض الدول حالات يستدعى تطبيق أكثر من طريقة لتحديد خط الأساس وقد أخذت اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ هذا الأمر فى اعتبارها وورد بها حكم المادة الرابعة عشر التى تقضى بأنه: " يجوز للدولة الساحلية أن تحدد خطوط الأساس تباعاً بأنة طريقة من الطرق المنصوص عليها فى المواد السابقة بما يناسب اختلاف الظروف".
وقد يثور تساؤل عن رسم حدود البحر الاقليمى بالنسبة لدولتين ذواتى سواحل متقابلة أو متلاصقة وقد وردت أحكام هذا الموضوع فى المادة الخامسة عشر من اتفاقية قانون البحار التى تقضى بأنة: " حيث تكون سواحل دولتين متقابلتبن أو متلاصقة، لا يحق لاى من الدولتين فى حالة عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك أن تمد بحرها الاقليمى إلى أبعد من الخط الوسط الذى تكون كل نقطة عليه متساوياً فى بعدها البحر الاقليمى لكل من الدولتين غير أن هذا الحكم لا ينطبق حين يكون من
الضرورى بسبب سد تاريخى أو ظروف خاصة أخرى تعيين حدود البحر الاقليمى لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم".

المطلب الثانى : سلطات الدولة واختصاصاتها على البحر الاقليمى والقيود على ذلك : كقاعدة عامة تعتبر حقوق الدولة على بحرها الاقليمى حقوق سيادة فهو جزء من إقليم الدولة وتمارس الدولة علية السلطات السيادية والاختصاصات الكاملة التى تتطلبها مقتضيات سيادتها على هذا الجزء من إقليمها وللدولة وحدها أن تمارس وتباشر أو تنظم كيفية ممارسة ومباشرة استكشاف واستغلال الثروات المختلفة الموجودة فى البحر الاقليمى سواء كانت هذه الثروات طبيعية موجودة فى باطن الأرض تحت البحر الإقليمي أى قاعة مثل المعادن والبترول وغير ذلك من ثروات أو كانت ثروات حيه موجودة فى مياه البحر الاقليمى ولا يجوز لغير الدولة استكشاف أو استغلال اى من هذه الثروات إلا بإذن من الدولة متضمناً شروط هذا الاستكشاف أو الاستغلال.
كما أن للدولة وحدها حق تنظيم الطيران فوق بحرها الاقليمى ولا يجوز فى القانون الدولى اى قيد على سيادة الدولة على بحرها الاقليمى إلا قيد واحد فقط هو المتعلق بحق المرور الرى وما قد يوجد بين دول معينة بطريقة اتفاقية بين هذه الدول غير أن القيد الوحيد العام بالنسبة للجماعة الدولية كلها هو حق المرور البرى الذى سندرسة فيما يلى.

فرع فى حق المرور البرى للسفن الأجنبية : يعتبر حق المرور البرى للسفن الأجنبية فى البحر الإقليمي للدولة حق يجمع عليه من قبل الفقه والقضاء الدوليين وكذلك الممارسات الدولية المتعاقبة وقد ورد النص عليه فى عدد من الاتفاقيات الدولية وتتمتع سفن جميع الدول لهذا الحق سواء كانت دولاً ساحلية أو غير ساحلية شريطة أن لا يكون هذا المرور مخلاً بأمن الدولة الساحلية أو مضراً بمصالحها.
والمرور هو كما جاء بالمادة ١٨ من اتفاقية سنة ١٩٨٢ لقانون البحار :
١- المرور يعنى الملاحة خلال البحر الاقليمى لغرض:
أ- اجتياز هذا البحر دون دخول المياه الداخلية أو التوقف فى مرسى أو فى مرفق مينائى يقع خارج المياه الداخلية.
ب - أو التوجه إلى المياه الداخلية أو منها التوقف فى أحد هذه المراسى أو الموافق المينائية أو مغادرته.
٢- يكون المرور متواصلا وسريعاً ومع هذا فإن المرور يشتمل على التوقف والرسو ولكن بقدر ما يكون هذا التوقف والرسو من مقتضيات الملاحة العادية أو تستلزمها قوه قاهرة أو حالة شدة أو جبل يكونان لغرض تقديم المساعدة إلى أشخا ص أو سفن أو طائرات فى حالة خطر أو شدة.

ويعنى المرور البرى كما ورد فى المادة ١٩ من نفس الاتفاقية ما يلى:
١-يكون المرور برياً ما دام لا يضر بسلم الدولة الساحلية أو بحسن نظامها أو بأمنها ويتم هذا المرور بالموافقة لهذه الاتفاقية وقواعد القانون الدولى الأخر.
٢-يعتبر مرور سفينة أجنبية ضاراً بسلم الدولة الساحلية أو بحسن نظامها أو بأمنها إذا قامت السفينة أثناء وجودها فى البحر الاقليمى بأى من الأنشطة التالية:
أ- أى تهديد بالقوة أو اى استعمال لها ضد السيادة للدولة الساحلية أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسى أو بأى صورة أخرى لمبادئ القانون الدولى ادة فى ميثاق الأمم المتحدة.
ب - أى مناورة أو تدريب بأسلحة من أى نوع.
ج - أى عمل يهدف إلى جمع المعلومات تضر بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها.
د- اطلاق أى طائرة أو انزالها أو تحميلها.
ھ - اطلاق أى جهاز عسكرى أو انزاله أو تحميله.
و- تحميل أو انزال أى سلعة أو عملية أو شخص خلافاً لقوانين وأنظمة الدولى الساحلية الجمركية أو ألضريبة أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة.
ز- أى عمل من أعمال التلوث المقصود والخطير المخالف لهذه الاتفاقية.
ح-أى من أنشطة صيد السمك.
ط- القيام بأنشطة بحث أو مسح.
ك- أى فعل يهدف إلى التدخل فى عمل أى من شبكات الموصلات أو من المرافق أو المنشآت الأخرى للدول الساحلية.
ل- أى نشاط أخر ليست له علاقة مباشرة بالمرور.
وتشترط المادة ٢٠ من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ على الغواصات والمركبات الغاطسة الأخرى أن تبحر طاقية ورافعة علمها حين تكون فى البحر الاقليمى. وتشترط المادة ٢٣ من نفس الاتفاقية على السفن الأجنبية التى تعمل بالقوة النووية والسفن التى تحمل مواد نووية أو غيرها من المواد ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية أثناء ممارستها لحق المرور البرى عبر البحر الاقليمى أن تحمل من الوثائق وأن تراعى من التدابير الوقائية الخاصة ما قررته الاتفاقات الدولية فيما يتعلق بتلك السفن.

وبالنسبة لقوانين و أنظمة الدولة الساحلية المتعلقة بالمرور البرى فإن الدولة الساحلية لها أن تعتمد طبقاً لأحكام اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ وغيرها من قواعد القانون الدولى قوانين وأنظمة بشأن المرور البرى عبر البحر الاقليمى تتناول الأمور التالية كلها أو بعضها:
أ- سلامة الملاحة وتنظيم حركة المرور البحرى.
ب- حماية وسائل تيسير الملاحة والتسهيلات الملاحية وغير ذلك من المرافق أو المنشآت .
ج- حماية الكابلات وخطوط الأنابيب.
د- حفظ الموارد الحية للبحر.
ه- منع خرق قوانين و أنظمة الدول الساحلية المتعلقة بمصائد الأسماك.
و- الحفاظ على بيئة الدولة الساحلية ومنع تلوثها وخفضه والسيطرة عليه.
ز- البحث العلمى البحرى و أعمال المسح الهيدروغرافية.
ح- منع خرق قوانين و أنظمة الدولة الساحلية الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة.
غير أن القواعد و الأنظمة التى تضعها الدولة لا تنطبق على تصميم السفن الأجنبية أو بنائها أو معداتها أو تكون طواقمها إلا إذا كان الغرض منها أعمال قواعد أو معايير دولية مقبولة عموماً.
وتلتزم الدولة الساحلية بالإعلان الواجب عن جميع القوانين والأنظمة المتعلقة بالمرور البرى خلال البحر الاقليمى أن تطيع جميع هذه القوانين و الأنظمة وعليها
كذلك أن تطيع كل الأنظمة الدولية المقبولة عموماً بشأن منع المصادمات فى البحر.
وبالنسبة للممرات البحرية ونظم تقسيم حركة المرور فى البحر الإقليمي فإن للدولة الساحلية كلما اقتضت سلامة الملاحة ذلك أن تفرض على السفن الأجنبية التى تمارس حق المرور البرى خلال بحرها الاقليمى استخدام الممرات البحرية وإتباع نظم تقسيم حركة المرور التى قد تعنيها أو تقررها لتنظيم مرور السفن.
ويجوز بصفة خاصة أن يفرض على الناقلات والسفن التى تعمل بالقوة النووية والسفن التى تحمل مواد نووية أو غيرها من المواد والمنتجات ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية أن تقصر مرورها على تلك الممرات البحرية.

ويجب على الدولة الساحلية أن تأخذ فى اعتبارها عند تعينها للمرات البحرية وتقريرها لنظم تقسيم حركة المرور فى بحرها الإقليمي ما يلى:


توصيات المنظمات الدولية المختصة.
أ- أى قنوات تستخدم عادة للملاحة البحرية.
ب- أى قنوات تستخدم عادة للملاحة البحرية.
ج- المميزات الخاصة للسفن ولقنوات المرور.
د-كثافة حركة المرور.
كما أن على الدولة الساحلية أن تبين بوضوح حدود هذه الممرات البحرية ونظم تقسيم حركة المرور فى خرائط يعلن عنها الاعلان الواجب.

ومن حيث واجبات الدولة الساحلية بالنسبة للمرور البرى فإنها تتمثل فيما يلى:

١-لا تعيق الدولة الساحلية المرور البرى للسفن الأجنبية عبر بحرها الاقليمى إلا وفقاً لهذه الاتفاقية وتتمتع بصورة خاصة عما يلى:
أ- فرض شروط على السفن الأجنبية يكون أثرها العملى انكار حق المرور البرى على تلك السفن أو الإخلال به.
ب- التميير قانوناً أو فعلاً ضد سفن أى دولة أو ضد السفن التى تحمل بضائع إلى اى دولة أو منها أو لحسابها.
٢-على الدولة الساحلية أن تعلن الإعلان المناسب عن اى خر على الملاحة تعلم بوجوده داخل بحرها الإقليمي.
٣-ولا يجوز للدولة أن تفرض رسوماً على السفن الأجنبية بمجرد مرورها خلال البحر الاقليمى.
٤-كما لا يجوز أن تفرض رسوماً على سفينة أجنبية مارة بالبحر الاقليمى إلا إذا كانت هذه الرسوم مقابل خدمت محددة قدمت إلى السفينة وتجيء هذه الرسوم بدون تمييز:
ولكن الدولة الساحلية لها حقوق حماية هى:
١- للدولة الساحلية أن تتخذ فى بحرها الاقليمى الخطوات اللازمة لمنع أى مرور لا يكون برياً.
٢- فى حالة السفن المتوجة إلى المياه الداخلية أو التى تريد التوقف فى مرفق مينائى خارج المياه الداخلية للدولة الساحلية الحق أيضا فى اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع اى خرق للنشاط التى يخضع لها دخول تلك السفن إلى المياه الداخلية أو تدقفها فى المرافق المينائية.
٣- للدولة الساحلية أن توقف مؤقتاً دون تمييز قانوناً أو فعلا بين السفن الأجنبية العمل بالمرور البرى للسفن الأجنبية فى قطاعات يحدده من بحرها الاقليمى إذا كان هذا الإيقاف ضرورياً لحماية أمن تلك الدولة بما فى ذك المناورات بالأسلحة ولا يبدأ هذا الإيقاف إلا بعد أن يعلن عنه الإعلان الواجب.

فرع فى القواعد و الأنظمة المنطبقة على السفن فى البحر الإقليمي :

أولاً: القواعد و الأنظمة المنطبقة على السفن التجارية والسفن الحكومية المستعملة لأغراض تجارية:

وردت الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع فى المادتين ٢٧ و ٢٨ من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ حيث نظمت المادة ٢٧ موضوع الولاية الجنائية على ظهر السفينة الأجنبية بينما نظمت المادة ٢٨ موضوع الولاية المدنية إزاء السفن الأجنبية.
الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية ( مادة ٢٧ ) : -
١-لا ينبغى للدولة الساحلية أن تمارس الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الاقليمى من أجل توقيف أى شخص أو أجراء تحقيق بصدد أى جريمة ارتكبت على ظهر السفينة أثناء مرورها إلا فى الحالات التالية فقط:
أ- إذا امتدت نتائج الجريمة إلى الدولة الساحلية .
ب- أو إذا كانت الجريمة من نوع يخل بسلم البلد أو بحسن النظام فى البحر الاقليمى.
ج-أو إذا طلب ربان السفينة ا ممثل دبلوماسى أو موظف قنصلى لدولة العلم مساعدة السلطات المحلية.
د- أو إذا كانت هذه التدابير لازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التى تؤثر على العقل.
٢-لا تمس الأحكام المذكورة أعلاه حق الدولة الساحلية فى اتخاذ ايه خطوات تأذن بها قوانينها لإجراء توقيف أو نحيق على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الاقليمى بعد مغادرة المياة الداخلية.
٣-فى الحالات المنصوص عليها فى الفقرتين ١،٢ تخطر الدولة الساحلية إذا طلب منها الربان ذلك ممثلا دبلوماسياً أو موظفاً قنصلياً تابعاً لدولة قبل اتخاذ ايه تدابير وتسهيل الاتصال بين هذا الممثل أو الموظف وطاقم السفينة ويجوز فى حالات الطوارئ إرسال هذا الإخطا ر أثناء اتخاذ التدابير.
٤-تراعى السلطات المحلية مصالح الملاحة المراعاة الواجبة عند نظرها فيما إذا كان ينبغى إجراء اى توقيف أو عند نظرها فى كيفية إجراء ذلك التوقيف.
٥-باستثناء ما هو منصوص عليه فى أحكام الجزء الثانى عشر ( وهو الجزء الخاص بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها ) أو فى حالة انتهاك القوانين والأنظمة المعتمدة وفقاً للجزء الخاص ( وهو الجزء المتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة) ، لا يجوز للدولة الساحلية أن تتخذ أية خطوات على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الاقليمى من اجل توقيف اى شخص أو إجراء اى تحقيق بصدد اى جريمة ارتكبت قبل دخول السفينة البحر الاقليمى إذا كانت السفينة قادمة من ميناء أجنبي ومارة فقط خلال البحر الاقليمى دون دخول المياه الداخلية.

الولاية المدنية إزاء السفن الأجنبية ( مادة ٢٨ ) :

١- لا ينبغى للدولة الساحلية أن توق سفينة أجنبية مارة خلال بحرها اللإقليمى أو أن تحول اتجاهها لغرض ممارسة ولايتها المدنية فيما يتعلق بشخص موجود على ظهر السفينة.
٢- لا يجوز للدولة الساحلية أن توقع إجراءات التنفيذ ضد السفينة أو تحتجزها لغرض اى دعوى مدنية إلا فيما يتعلق بالالتزامات التى تتحملها السفينة أو المسئوليات التى تقع عليها أثناء رحلتها خلال مياه الدولة الساحلية أو لغرض تلك الرحلة.
٣- لا تخل الفقرة ( ٢) بحق الدولة الساحلية وفقاً لقوانينها فى أن توقع إجراءات التنفيذ لغرض أى دعوى مدنية ضد أية سفينة أجنبية راسية فى بحرها الإقليمي أو مارة خلال بحرها الإقليمي أو أن تحتجزها بعد مغادرة المياه الداخلية.

ثانياً: الأنظمة والقواعد المنطبقة على السفن الحربية وغيرها من السفن الحكومية المستعملة لأغراض غير تجارية: -

وردت الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع فى المواد ٢٩ و٣٢ من اتفاقية قانون البحار لسنة ١٩٨٢ .
فنصت على أن تتحمل دولة العلم المسئولية الدولية عن أية خسارة أو ضرر يلحق بالدولة الساحلية نتيجة عدم امتثال سفينة حربية أو سفينة حكومية أخرى مستعملة لأغراض غير تجارية لقوانين و أنظمة الدولة الساحلية بشأن المرور خلال البحر الاقليمى و أنظمة الدولة الساحلية بشان المرور خلال البحر الاقليمى أو لأحكام هذه الاتفاقية او لغيرها من قواعد القانون الدولى ( مادة ٣١ ). يجوز للدولة الساحلية أن تطلب إلى السفن الحربية والسفن الحكومية المستخدمة لأغراض غير تجارية مغادرة البحر الاقليمى فورًا وذلك إذا لم تمتثل لقوانين وأنظمة الدولة الساحلية بشأن المرور خلال البحر الاقليمى وتجاهلت اى طلب يقدم إليها للامتثال لتلك القوانين و الأنظمة (مادة ٣٠ ) .
وقد وردت بالمادة ٣٢ انه ليس فى هذه الاتفاقية عدا الاستثناءات الواردة فى القسم الفرعى ( ألف ) المتعلق بالقواعد والنظم التى تنطبق على حق المرور البرى.
وليس فى المادتين ٣١ ،٣٠ التى سبق الإشارة اليهما فى الفقرة السابقة ما يمس الحصانات التى تتمتع بها السفن الحربية والسفن التجارية والسفن الحكومية الأخرى المستعملة لأغراض غير تجارية.




من محاضرات : أ.د. جميل محمد حسين :
أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام ، وعميد كلية الحقوق بنها


أحدث أقدم