د. عصام عبد الشافي
منذ توليه مهام رئاسة الجمهورية في الأول من يوليو 2013، بدا واضحاً حرص
الرئيس محمد مرسي ومؤسسة الرئاسة المصرية على إعادة بناء توجهات السياسة
الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، وفق رؤية تقوم على إعادة
التوزان لعلاقات مصر الخارجية عبر دوائرها الاستراتيجية الراسخة (العربية،
الإفريقية، الإسلامية، المتوسطية، الدولية)، والتي عانت تجاهلا وقصورا وصل
إلى درجة الإهمال في السنوات العشر الأخيرة قبل ثورة يناير، بعد أن اكتفى
القائمون على صنع وإدارة هذه العلاقات بممارسة دور تابع التابع للسياسة
الأمريكية.
وبعد ثورة يناير، جاءت الزيارة الأولي المخططة للرئيس مرسي إلى جمهورية الصين الشعبية في 28 أغسطس 2012، أى بعد اقل من شهرين من توليه الرئاسة، ثم جاءت زيارتاه المهمتان لكل من باكستان والهند بين 18 و20 مارس 2013، لتثير هذه الزيارات العديد من التساؤلات حول مؤشرات التحول في السياسة الخارجية المصرية، وأبعاده، وتحدياته:
أولاً- مؤشرات التحول:
يبرز في إطار هذه المؤشرات الزيارات التي قام بها الرئيس لعدد من الدول الآسيوية، وما تم الاتفاق عليه خلال هذه الزيارات، وما يتوقع أن تسير عليه خلال السنوات القادمة:
1ـ زيارة الصين: جاءت زيارة الرئيس مرسي للصين (28/8/2012)، ولمدة ثلاثة أيام، سعى خلالها إلى تعزيز التعاون بين الدولتين، وتطوير وجذب الاستثمارات والمشاريع الكبرى الصناعية والتكنولوجية الصينية في مصر. ورافق مرسى خلال الزيارة عدد من الوزراء، ونحو 80 من رجال الأعمال المصريين، وتم توقيع 8 اتفاقيات ثنائية تشمل مجالات التعاون المشترك في الاقتصاد، والتجارة، والزراعة، والسياحة، والاتصالات، والبيئة، ودفع الاستثمارات بين البلدين. وتضمنت الاتفاقات تقديم الصين منحة لا ترد بقيمة 70 مليون دولار لإقامة مشروعات مشتركة في مجالات البنية التحتية، والكهرباء، والبيئة، ومنحة أخرى عبارة عن300 سيارة شرطة لمصر، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لمعالجة المخلفات الصلبة، والتعاون في مجال حماية البيئة، واتفاقية في مجال التعاون السياحي، وأخرى في مجال البحوث الحقلية في الزراعة، وكذلك اتفاقية تعاون للحصول على قرض ميسر قيمته 200 مليون دولار من بنك التنمية الصيني لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاستثمارية بين رجال الأعمال المصريين ورجال الأعمال الصينيين بإجمالي استثمارات بلغت 4,9 مليار دولار، وكذلك توقيع اتفاقية إطارية بين البنك الوطني للتنمية الصيني ووزارة البحث العلمي في مصر حول التعاون في مجال التخطيط والاستشارات، وتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاتصالات بين وزارة الاتصالات في مصر ووزارة الصناعة والمعلوماتية الصينية.
2ـ زيارة باكستان: قام الرئيس مرسي مرسى بزيارة باكستان فى 18 مارس 2013. وخلال الزيارة، تم توقيع خمس مذكرات تفاهم للتعاون الثنائي في مجالات الترويج للاستثمار, وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة, والخدمات البريدية, والملاحة التجارية والإعلام، بالإضافة إلى البرنامج التنفيذي الثالث لاتفاق التعاون العلمي والتكنولوجي بين الدولتين.
3ـ زيارة الهند: تعد الهند سابع أكبر شريك تجارى لمصر، كما تعد ثانى أكبر وجهة للصادرات المصرية بعد ايطاليا، بينما تأتى الهند فى المرتبة الـ 11 على قائمة الأسواق التى تستورد منها مصر. وقد شهد التبادل التجارى بين مصر والهند زيادة ملحوظة بلغت 33% عام 2012 لتبلغ أربعة مليارات ومائتى مليون دولار، مقارنة بثلاثة مليارات ومائتى مليون دولار عام 2011، حيث زادت الصادرات المصرية للهند خلال 2012 نحو 37% (ارتفعت من مليار و700 مليون دولار إلى نحو 2.2 مليار دولار)، وهناك 50 شركة هندية تعمل فى مصر باستثمارات تبلغ نحو 2,5 مليار دولار، يعمل بها نحو 35 ألف عامل مصرى.
وفي 4 مارس 2012، اتفقت اللجنة الوزارية المصرية-الهندية المشتركة على
تعزيز التبادل التجاري بالبلدين، وتشكيل مجموعة عمل في مجال التجارة،
والجمارك، ودراسة الاستثمار المشترك في مجالات الزراعة، والتصنيع،
والصناعات الغذائية، وغيرها من المجالات. كما اتفق الجانبان على إقامة
مشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لمائة منزل في عدد من القرى
المصرية، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين المؤسسة الهندية لأبحاث
الفضاء، والهيئة الوطنية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء المصرية، للتعاون
في مجالات الاستشعار عن بعد والأقمار الصناعية.
ثم جاءت زيارة الرئيس مرسى للهند يوم 18 مارس 2013. وخلال الزيارة، تم توقيع خمس مذكرات تفاهم للتعاون الثنائى فى مجالات تكنولوجيا المعلومات وأمنها، والتراث الثقافى، ودعم تنمية الصناعات الصغيرة، وكذلك إنشاء مركز تميز فى مجال تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى خطابين للنوايا، أحدهما بشأن إطلاق الأقمار الصناعية.
ثانياً- أبعاد التحول:
ترتبط مصر بعلاقات تاريخية بالدول الآسيوية، قامت في الماضي على أساس وحدة أو تقارب المواقف في القضايا السياسية الكبرى في العلاقات الدولية في عقدي الخمسينيات والستينيات وحتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي. لكن خلال فترة حكم الرئيس السابق، حسني مبارك، تضاءلت أهمية الأسس السياسية التي قامت عليها العلاقات المصرية الآسيوية، وتوقفت العلاقات عند تأسيس مجموعة الـ 15 كأهم الأطر لتوثيق العلاقات المصرية - الآسيوية.
واحتلت قضية التنمية صدارة أولويات العلاقات بين مصر والدول الآسيوية داخلياً وخارجياً، ودخلت مصر وشركاؤها الآسيويون في علاقات جديدة تمثلت في التعاون الاقتصادى على أساس المنفعة المتبادلة، وتحويل ذلك التعاون من علاقة بين الحكومات فقط إلى علاقة تستوعب قوى المجتمع الاقتصادى ككل، وأصبحت آسيا الشريك التجاري الثالث لمصر بعد كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما تأكدت مؤشراته خلال مرحلة ما بعد ثورة يناير.
وفي تحليل لهذا التحول وأبعاده، خاصة تجاه الصين، يقول ديفيد شينكر (مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن)، وكريستينا لين (مركز العلاقات عبر الأطلسي، جامعة جونز هوبكنز): "ربما تميل مصر إلى أن تعرض للسفن الحربية الصينية أولوية في عبور قناة السويس، وسيكون هذا الامتياز مغرياً للصين التي ترى أن هناك حاجة متنامية لحماية استثماراتها في البحر المتوسط والبحر الأسود".
ثم جاءت زيارة الرئيس مرسى للهند يوم 18 مارس 2013. وخلال الزيارة، تم توقيع خمس مذكرات تفاهم للتعاون الثنائى فى مجالات تكنولوجيا المعلومات وأمنها، والتراث الثقافى، ودعم تنمية الصناعات الصغيرة، وكذلك إنشاء مركز تميز فى مجال تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى خطابين للنوايا، أحدهما بشأن إطلاق الأقمار الصناعية.
ثانياً- أبعاد التحول:
ترتبط مصر بعلاقات تاريخية بالدول الآسيوية، قامت في الماضي على أساس وحدة أو تقارب المواقف في القضايا السياسية الكبرى في العلاقات الدولية في عقدي الخمسينيات والستينيات وحتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي. لكن خلال فترة حكم الرئيس السابق، حسني مبارك، تضاءلت أهمية الأسس السياسية التي قامت عليها العلاقات المصرية الآسيوية، وتوقفت العلاقات عند تأسيس مجموعة الـ 15 كأهم الأطر لتوثيق العلاقات المصرية - الآسيوية.
واحتلت قضية التنمية صدارة أولويات العلاقات بين مصر والدول الآسيوية داخلياً وخارجياً، ودخلت مصر وشركاؤها الآسيويون في علاقات جديدة تمثلت في التعاون الاقتصادى على أساس المنفعة المتبادلة، وتحويل ذلك التعاون من علاقة بين الحكومات فقط إلى علاقة تستوعب قوى المجتمع الاقتصادى ككل، وأصبحت آسيا الشريك التجاري الثالث لمصر بعد كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما تأكدت مؤشراته خلال مرحلة ما بعد ثورة يناير.
وفي تحليل لهذا التحول وأبعاده، خاصة تجاه الصين، يقول ديفيد شينكر (مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن)، وكريستينا لين (مركز العلاقات عبر الأطلسي، جامعة جونز هوبكنز): "ربما تميل مصر إلى أن تعرض للسفن الحربية الصينية أولوية في عبور قناة السويس، وسيكون هذا الامتياز مغرياً للصين التي ترى أن هناك حاجة متنامية لحماية استثماراتها في البحر المتوسط والبحر الأسود".
ويضيف شنكر ولين: "ثمة طلب أساسي محتمل آخر يمكن أن تحدده الصين مسبقاً،
وهو تَمكُنّها من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية في مصر .. وأنه مع غياب
القيود التي تفرضها العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، فمن الصعب
التخيل بأن مصر تحت قيادة مرسي ستكون أكثر حماية للتكنولوجيا العسكرية
الأمريكية من نظام مبارك. ومن هنا، تصبح الفوائد التي تعود على الصين من
تطوير علاقاتها مع مصر واضحة".
ثالثاً- تحديات التحول:
إذا كانت العلاقات الدولية في جوهرها "أنماط التفاعلات بين فاعلين دوليين أو أكثر، فإن الحديث عن التحديات التي يمكن أن تواجه هذه العلاقات إما أن تنبع من طرفي العلاقة، أو من البيئة الإقليمية والدولية التي تحيط بهما"، وهو ما يمكن تتبعه على النحو التالي:
1ـ تحديات نابعة من البيئة الداخلية للسياسة الخارجية المصرية:
وتتمثل في طبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعانيها مصر في المرحلة الراهنة، والتي تترك تداعياتها على قدرات التحرك الخارجي لمصر، ومن ذلك: الأزمات السياسية التي تعيش معها مصر، والتأزيم المستمر حول مختلف القضايا حتى الفرعي منها. ومن ناحية ثانية، عدم التوافق الداخلي حول قضايا السياسة الخارجية، وهو ما برز واضحاً في موقف عدد من التيارات السلفية حول العلاقات المصرية مع إيران، والأغرب مواقف عدد من التيارات الليبرالية الرافضة لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمصر. ومن ناحية ثالثة، تعقد المشهد الأمني في مصر، وما يصاحبه من انهيار شبه كامل في مختلف المؤسسات والخدمات، وكذلك التدهور الاقتصادي المستمر، والصعوبات التي تواجهها مصر في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومؤسسات التمويل الدولية. ومثل هذا التعقد الأمني والتدهور الاقتصادي من شأنه أن يضع قيوداً على حركة مصر الخارجية وأنماط علاقاتها، وما يمكن أن تقدمه من تنازلات للخروج من النفق المظلم الذي تعانيه الآن، في محاولة من النظام السياسي لإثبات القدرة على التعايش ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.
2ـ تحديات نابعة من البيئة الداخلية للقوى الآسيوية:
فالدول الآسيوية التي استهدفتها زيارات الرئيس مرسي (الصين، إيران، باكستان، الهند) رغم قفزاتها الاقتصادية وما تحققه من نجاحات، فإنها تشهد عددا من التحديات الداخلية والإقليمية التي يمكن أن تترك تأثيراتها على توجهاتها الخارجية، ومن ذلك الأزمة الكورية الشمالية بالنسبة للصين، والانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران، وتداعيات برنامجها النووي، والأزمة السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية في باكستان. إلا أنه على الرغم من تحديات هذه الدول، فيمكن القول إن حرصها على بناء علاقات قوية مع مصر أمام ما تتمتع به مصر من مكانة استراتيجية وقدرات تأثيرية، سيتجاوز هذه التحديات، وهو ما برزت أهم مؤشراته في مشاركة مصر في أعمال القمة الخامسة لمجموعة البريكس في جنوب إفريقيا، في26 و27 مارس2013 تحت عنوان "بريكس وإفريقيا: الشراكة من أجل التكامل والتصنيع"، والتي تضم في عضويتها كلا من الصين، والهند، وروسيا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وتمثل دول المجموعة نحو34% من سكان العالم، وتسهم بنحو خمس الناتج المحلي العالمي, كما تمتلك أكبر حافظة احتياطي نقدي في العالم بمبلغ 4,4 تريليون دولار. وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تجارة مجموعة البريكس مع إفريقيا سوف ترتفع من 150 مليار دولار عام 2010 لتصل إلى 530 مليار دولار عام 2015, وستكون مصر في القلب من اهتمامات البريكس بإفريقيا، إن لم تكن عضوا فاعلاً فيها مستقبلاً.
3ـ تحديات نابعة من البيئة الإقليمية والدولية:
وترتبط هذه التحديات بالقضايا الراهنة محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها موقف الصين، وروسيا، وإيران من الثورة السورية، وظهور بعض المواقف الشعبية الرافضة لتعزيز العلاقات المصرية مع هذه الدول، رداً على دعمها لنظام بشار في سوريا. ولا يغيب عن المشهد الدور الأمريكي في تحديد طبيعة وأنماط وتوجهات العلاقات الدولية، ليس فقط في المنطقة العربية، ولكن في النظام العالمي الراهن ككل، وتقف ليس فقط مُراقبة ومُتحفزة لتنامي العلاقات المصرية مع الدول الآسيوية، ولكن أيضا مُعوقة لهذا التنامي، ولن تتأخر عن تبني كل الخطط والسياسات والممارسات التي من شأنها تحجيم هذه العلاقات، واستخدام كل ما تملكه من أوراق ضغط في مواجهة مصر وكل الأطراف التي تسعي لتعزيز علاقاتها معها، إذا كان في هذا التعزيز ما يتعارض والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. ومن المؤكد أن عدداً من القوى الإقليمية الرافضة للنهوض المصري، في ظل النظام الحالي، ستكون من بين أوراق الضغط الأمريكية على السياسة الخارجية المصرية.
ثالثاً- تحديات التحول:
إذا كانت العلاقات الدولية في جوهرها "أنماط التفاعلات بين فاعلين دوليين أو أكثر، فإن الحديث عن التحديات التي يمكن أن تواجه هذه العلاقات إما أن تنبع من طرفي العلاقة، أو من البيئة الإقليمية والدولية التي تحيط بهما"، وهو ما يمكن تتبعه على النحو التالي:
1ـ تحديات نابعة من البيئة الداخلية للسياسة الخارجية المصرية:
وتتمثل في طبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعانيها مصر في المرحلة الراهنة، والتي تترك تداعياتها على قدرات التحرك الخارجي لمصر، ومن ذلك: الأزمات السياسية التي تعيش معها مصر، والتأزيم المستمر حول مختلف القضايا حتى الفرعي منها. ومن ناحية ثانية، عدم التوافق الداخلي حول قضايا السياسة الخارجية، وهو ما برز واضحاً في موقف عدد من التيارات السلفية حول العلاقات المصرية مع إيران، والأغرب مواقف عدد من التيارات الليبرالية الرافضة لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمصر. ومن ناحية ثالثة، تعقد المشهد الأمني في مصر، وما يصاحبه من انهيار شبه كامل في مختلف المؤسسات والخدمات، وكذلك التدهور الاقتصادي المستمر، والصعوبات التي تواجهها مصر في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومؤسسات التمويل الدولية. ومثل هذا التعقد الأمني والتدهور الاقتصادي من شأنه أن يضع قيوداً على حركة مصر الخارجية وأنماط علاقاتها، وما يمكن أن تقدمه من تنازلات للخروج من النفق المظلم الذي تعانيه الآن، في محاولة من النظام السياسي لإثبات القدرة على التعايش ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.
2ـ تحديات نابعة من البيئة الداخلية للقوى الآسيوية:
فالدول الآسيوية التي استهدفتها زيارات الرئيس مرسي (الصين، إيران، باكستان، الهند) رغم قفزاتها الاقتصادية وما تحققه من نجاحات، فإنها تشهد عددا من التحديات الداخلية والإقليمية التي يمكن أن تترك تأثيراتها على توجهاتها الخارجية، ومن ذلك الأزمة الكورية الشمالية بالنسبة للصين، والانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران، وتداعيات برنامجها النووي، والأزمة السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية في باكستان. إلا أنه على الرغم من تحديات هذه الدول، فيمكن القول إن حرصها على بناء علاقات قوية مع مصر أمام ما تتمتع به مصر من مكانة استراتيجية وقدرات تأثيرية، سيتجاوز هذه التحديات، وهو ما برزت أهم مؤشراته في مشاركة مصر في أعمال القمة الخامسة لمجموعة البريكس في جنوب إفريقيا، في26 و27 مارس2013 تحت عنوان "بريكس وإفريقيا: الشراكة من أجل التكامل والتصنيع"، والتي تضم في عضويتها كلا من الصين، والهند، وروسيا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وتمثل دول المجموعة نحو34% من سكان العالم، وتسهم بنحو خمس الناتج المحلي العالمي, كما تمتلك أكبر حافظة احتياطي نقدي في العالم بمبلغ 4,4 تريليون دولار. وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تجارة مجموعة البريكس مع إفريقيا سوف ترتفع من 150 مليار دولار عام 2010 لتصل إلى 530 مليار دولار عام 2015, وستكون مصر في القلب من اهتمامات البريكس بإفريقيا، إن لم تكن عضوا فاعلاً فيها مستقبلاً.
3ـ تحديات نابعة من البيئة الإقليمية والدولية:
وترتبط هذه التحديات بالقضايا الراهنة محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها موقف الصين، وروسيا، وإيران من الثورة السورية، وظهور بعض المواقف الشعبية الرافضة لتعزيز العلاقات المصرية مع هذه الدول، رداً على دعمها لنظام بشار في سوريا. ولا يغيب عن المشهد الدور الأمريكي في تحديد طبيعة وأنماط وتوجهات العلاقات الدولية، ليس فقط في المنطقة العربية، ولكن في النظام العالمي الراهن ككل، وتقف ليس فقط مُراقبة ومُتحفزة لتنامي العلاقات المصرية مع الدول الآسيوية، ولكن أيضا مُعوقة لهذا التنامي، ولن تتأخر عن تبني كل الخطط والسياسات والممارسات التي من شأنها تحجيم هذه العلاقات، واستخدام كل ما تملكه من أوراق ضغط في مواجهة مصر وكل الأطراف التي تسعي لتعزيز علاقاتها معها، إذا كان في هذا التعزيز ما يتعارض والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. ومن المؤكد أن عدداً من القوى الإقليمية الرافضة للنهوض المصري، في ظل النظام الحالي، ستكون من بين أوراق الضغط الأمريكية على السياسة الخارجية المصرية.
تعريف الكاتب:
التسميات :
تحليلات سياسية