السيدة الحديدية والدب الروسي: قصة صداقة وعداء بين مارغريت تاتشر وميخائيل غورباتشوف | المكتبة الدبلوماسية

السيدة الحديدية والدب الروسي: قصة صداقة وعداء بين مارغريت تاتشر وميخائيل غورباتشوف

السيدة الحديدية والدب الروسي: قصة صداقة وعداء بين مارغريت تاتشر وميخائيل غورباتشوف

مارغريت تاتشر، الملقبة بالسيدة الحديدية، هي أول امرأة تتولى رئاسة وزراء بريطانيا، وأطول من شغل هذا المنصب في القرن العشرين. كانت تاتشر قائدة حازمة ومحافظة، وتبنت سياسات اقتصادية واجتماعية وخارجية تحمل اسم “التاتشرية”.

السيدة الحديدية والدب الروسي


 واحدة من أبرز ملامح التاتشرية هي مواجهة الاتحاد السوفيتي، الذي كان يمثل التهديد الأكبر للغرب في ذلك الوقت. كانت تاتشر من أشد المؤيدين للتسلح النووي والتحالف مع الولايات المتحدة ضد الشيوعية. ومع ذلك، كانت تاتشر أيضا من أوائل القادة الغربيين الذين اعترفوا بالتغييرات الإيجابية التي أحدثها الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف في بلاده، ودعمته في عملية الإصلاح والانفتاح التي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة.

ميخائيل غورباتشوف، الملقب بالدب الروسي، هو آخر رئيس للاتحاد السوفيتي، وأول وأخير رئيس للاتحاد السوفيتي الاشتراكي. كان غورباتشوف قائدا مصلحا ومبتكرا، وتبنى سياسات تحمل اسم “البيروسترويكا” و"الجلاسنوست"، والتي تعني إعادة البناء والشفافية. هدفت هذه السياسات إلى تحديث الاقتصاد والمجتمع والنظام السياسي السوفيتي، وتحسين العلاقات مع الغرب والدول الأخرى. ومع ذلك، كانت هذه السياسات أيضا مسؤولة عن تفكك الاتحاد السوفيتي واندلاع النزاعات الإثنية والإقليمية في بعض جمهورياته. كان غورباتشوف محترما ومحبوبا في الغرب، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1990، ولكنه كان مكروها ومنبوذا في بلاده، وتعرض لمحاولات انقلاب واغتيال.

العلاقة بين تاتشر وغورباتشوف كانت معقدة ومتناقضة. فمن جهة، كانت تاتشر ترى في غورباتشوف شريكا وصديقا، وقالت عنه: “هو رجل يمكن التعامل معه”. ومن جهة أخرى، كانت تاتشر تخشى من أن تغييرات غورباتشوف تهدد مصالح بريطانيا والغرب، وقالت عنه: “هو رجل يجب الحذر منه”. كانت تاتشر تدعم غورباتشوف في مساعيه لإنهاء الحرب الباردة وتقليل التوترات النووية، ولكنها كانت تعارضه في مسائل أخرى مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والوحدة الأوروبية. كانت تاتشر تحترم غورباتشوف كزعيم قوي وجريء، ولكنها كانت تنتقد أيضا بعض قراراته وسياسته. كانت تاتشر تحاول مساعدة غورباتشوف في التغلب على المعارضة الداخلية والخارجية، ولكنها كانت تحاول أيضا الاستفادة من ضعفه وانهياره.

السيدة الحديدية والدب الروسي هما شخصيتان تاريخيتان لا يمكن نسيانهما. لقد لعبا دورا حاسما في تشكيل العالم الحديث، وتركا إرثا ثريا ومتنوعا. لقد كانا رمزا للتحدي والتغيير، ولكن أيضا للتعاون والتفاهم. لقد كانا خصمين وحلفاء، ولكن أيضا أصدقاء.



إرسال تعليق

أحدث أقدم