بدأت نزعات المعارضة ضد الحكم الإمامي تأخذ طابعاً علنيًا نسبيًا في بداية الثلاثينيات حيث كانت هزائم الإمام يحيى سنة 1934م سببًا مباشرًا لبروز المعارضة، فتعالت أصوات القوى المستنيرة في المجتمع منتقدة ومستنكرة ما حدث، وتحول الانتقام والاستنكار إلى حركة معارضة مكتومة وغير معلنة.
فظهرت هيئة النضال كأولى الجمعيات في صنعاء سنة 1935م ثم مجلة الحكمة التي صدرت عام 1938م، ثم أصدرت المعارضة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقُدِّم برنامج الهيئة للإمام، إلا أنه رفض البرنامج، واستمرت المعارضة قدماً في
كشف عيوب النظام الإمامي، فتشكل عام 1944م حزب الأحرار اليمنيين.
وقد أخذ هذا الحزب يعلن عن طموحاته في التغيير والإصلاح، ويكشف عيوب النظام الإمامي، وفي عام 1946م شكل الأحرار الجمعية اليمنية الكبرى في عدن، وأصدروا جريدة صوت اليمن، التي أخذت تنتقد وتفضح سلطة الإمام وتطالب بالإصلاح والتغيير، حيث طالبت بإقامة حكم شوروي يتكون من علماء البلاد، ليرفع أغلال الاستبداد عن كاهل الشعب اليمني، وقد وجد الأحرار أنه لا سبيل لتحقيق طموحهم الوطني في ظل حكم نظام الإمام القائم.
فبدءوا بالإعداد للإطاحة بالإمام وحكمه، وذلك من خلال استغلال الشروخ في أركان الحكم، والاستفادة من أية تحالفات ممكنة، ووجد الأحرار ضالتهم في طموح عبد الله الوزير للإمامة، الذي وافق على مطالب الأحرار، مقابل عونهم له فقامت ثورة 1948م، التي نجحت في قتل الإمام يحيى، إلا أنها لم تنجح في الإطاحة بنظامه، فبعد ثلاثة أسابيع تمكن ابنه ولي العهد أحمد من الفرار من مدينة تعز إلى مدينة حجة، وهناك تمكن من حشد القبائل إلى صفه مغرياً إياها بإباحة صنعاء لهم، للسلب والنهب، وتمكن من دخول صنعاء والقضاء على الثورة، وقتل وسجن وتشريد زعمائها ثم أعلن نفسه إماماً.
ورغم ما لحق بالأحرار من قتل وسجن وتشريد إلا أنهم أصروا على مواصلة النضال، حيث تمكن الأحرار من استعادة نشاطهم في المهجر بإصدار صحيفة السلام في بريطانيا برئاسة عبد الله الحكيمي، واستطاعت تلك الصحيفة أن توصل صوتها باسم الأحرار في الخارج، لمقاومة الظلم.
كما استأنف الأحرار نشاطهم في عدن وأصدروا صحيفة الفضول، وكان يرأسها عبد الوهاب نعمان، ثم قام الأحرار بإنشاء الاتحاد اليمني في عدن عام 1952، وبعد قيام ثورة يوليو في مصر نشط الأحرار في القاهرة، وأسس الزبيري وعدد من الأحرار فرعاً للاتحاد اليمني في القاهرة، وأصدر الزبيري كتيبًا بعنوان (آمالنا وأمانينا) انتقد فيه نظام الحكم الإمامي، وفي مارس 1955م، قامت مجموعة من الضباط التابعين لحماية مدينة تعز بحركة عسكرية ضد الإمام أحمد وقبل العسكريون أن يبدلوا الإمام أحمد بأخيه عبد الله ولكن المحاولة التي قادها الثلايا فشلت وتمكن الإمام أحمد من الاحتفاظ بالسلطة.
ولم تيأس المعارضة مما حدث لها فاستمرت في نشاطها ضد الإمام أحمد وأصدر الأحرار في القاهرة كتيبًا بعنوان "مطالب الشعب" حيث اعتبر هذا الكتاب مشروعًا لدستور الدولة الحديثة، وبفعل دأب الإمام على شق الصف الوطني شهدت معارضة الأحرار المنطوية تحت مسمى الاتحاد اليمني بعض الانشقاقات.
ومع تزايد زخم المعارضة قام الإمام بالانفتاح على بعض الدول العربية والدول الاشتراكية، أسفر ذلك عن توقيع عدد من الاتفاقيات وعلى الرغم من انفتاح الإمام إلا أنه لم يستطع الحد من آثارها الإيجابية التي تمثلت في المجالات العسكرية والثقافية، كما قام الإمام بإرسال بعض البعثات اليمنية للدراسة في بعض الدول فقاموا بنقل الأفكار التحررية وجلبوها معهم إلى اليمن.
لم تكتف اتجاهات المعارضة بالخطاب السياسي والإعلامي لمعارضة الحكم بل حاولت التخلص من الحكم الإمامي برمته سواء بالاغتيال أو الانقلاب عليه، وقامت المعارضة بعدة محاولات في أعوام 1959، ، 1960، 1961م، إلا أنها جميعًا فشلت ولعل ذلك يرجع إلى عدم التخطيط السليم، أو إلى الارتجال والعشوائية من جانب رجال المعارضة أو غير ذلك، ورغم محاولات الإخفاقات في اغتيال الإمام فقد استمر زخم المعارضة في التصاعد. فبادرت مجموعة من طلاب المدارس والكليات العسكرية الذين توفرت فيهم عوامل ومقدمات النجاح بتأسيس تنظيم الضباط الأحرار وحملوا على عاتقهم بشكل رئيسي مهمة إسقاط الحكم الإمامي، إذ قاموا بإجراء اتصالات واسعة لقوى المعارضة المختلفة سواء داخل اليمن أو بجمهورية مصر العربية.
وبعد موت الإمام أحمد وتسلم البدر السلطة أعلن انتهاجه خط والده في السياسة الأمر الذي جعل الضباط الأحرار يكثفون من لقاءاتهم وتشاورهم من أجل تفجير الثورة، ولم يمر أسبوع واحد على حكم البدر حتى قام الضباط الأحرار بتفجير الثورة، ليعلنوا سقوط النظام الإمامي، وقيام النظام الجمهوري في يـوم 26 سبتمبر عام 1962م.
ونخلص إلى أن المعارضة قد مرت بعدة مراحل:
- مرحلة المعارضة التنويرية التي بدأت في منتصف الثلاثينيات والتي مهدت لقيام حركة شبه منظمة.
- مرحلة المعارضة السياسية المنظمة التي بدأت بتأسيس حزب الأحرار، وإصدار جريدة صوت اليمن في عدن برئاسة الزبيري.
- مرحلة ثورة 1948م التي أدت إلى اغتيال الإمام يحيى، وانتهت بفشل الثورة وسقوط صنعاء بيد الإمام أحمد، والقبائل الموالية له.
- مرحلة نشاط المعارضة بعد ثورة 1948 رغم ما أصاب المعارضة من قتل وسجن وتشريد، وتمثل ذلك في تأسيس الاتحاد اليمني في القاهرة وعدن.
- مرحلة استفادة الأحرار من الخلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة، مما أدى إلى اندلاع حركة 1955م.
- مرحلة غياب التنسيق السياسي والعسكري وتفكك الجبهة الداخلية لعناصر المعارضة ومحاولة إعادة ترتيب صفوفها، بعد الضربات الموجعة أثناء حركة 1955م.
- مرحلة نشاط المعارضة بعد تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي استطاعت به المعارضة أن تسقط الحكم الإمامي وتعلن قيام النظام الجمهوري الحلم الذي طالما داعب خيال الأحرار والثوار اليمنيين لفترة ليست بالقليلة.
فظهرت هيئة النضال كأولى الجمعيات في صنعاء سنة 1935م ثم مجلة الحكمة التي صدرت عام 1938م، ثم أصدرت المعارضة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقُدِّم برنامج الهيئة للإمام، إلا أنه رفض البرنامج، واستمرت المعارضة قدماً في
كشف عيوب النظام الإمامي، فتشكل عام 1944م حزب الأحرار اليمنيين.
وقد أخذ هذا الحزب يعلن عن طموحاته في التغيير والإصلاح، ويكشف عيوب النظام الإمامي، وفي عام 1946م شكل الأحرار الجمعية اليمنية الكبرى في عدن، وأصدروا جريدة صوت اليمن، التي أخذت تنتقد وتفضح سلطة الإمام وتطالب بالإصلاح والتغيير، حيث طالبت بإقامة حكم شوروي يتكون من علماء البلاد، ليرفع أغلال الاستبداد عن كاهل الشعب اليمني، وقد وجد الأحرار أنه لا سبيل لتحقيق طموحهم الوطني في ظل حكم نظام الإمام القائم.
فبدءوا بالإعداد للإطاحة بالإمام وحكمه، وذلك من خلال استغلال الشروخ في أركان الحكم، والاستفادة من أية تحالفات ممكنة، ووجد الأحرار ضالتهم في طموح عبد الله الوزير للإمامة، الذي وافق على مطالب الأحرار، مقابل عونهم له فقامت ثورة 1948م، التي نجحت في قتل الإمام يحيى، إلا أنها لم تنجح في الإطاحة بنظامه، فبعد ثلاثة أسابيع تمكن ابنه ولي العهد أحمد من الفرار من مدينة تعز إلى مدينة حجة، وهناك تمكن من حشد القبائل إلى صفه مغرياً إياها بإباحة صنعاء لهم، للسلب والنهب، وتمكن من دخول صنعاء والقضاء على الثورة، وقتل وسجن وتشريد زعمائها ثم أعلن نفسه إماماً.
ورغم ما لحق بالأحرار من قتل وسجن وتشريد إلا أنهم أصروا على مواصلة النضال، حيث تمكن الأحرار من استعادة نشاطهم في المهجر بإصدار صحيفة السلام في بريطانيا برئاسة عبد الله الحكيمي، واستطاعت تلك الصحيفة أن توصل صوتها باسم الأحرار في الخارج، لمقاومة الظلم.
كما استأنف الأحرار نشاطهم في عدن وأصدروا صحيفة الفضول، وكان يرأسها عبد الوهاب نعمان، ثم قام الأحرار بإنشاء الاتحاد اليمني في عدن عام 1952، وبعد قيام ثورة يوليو في مصر نشط الأحرار في القاهرة، وأسس الزبيري وعدد من الأحرار فرعاً للاتحاد اليمني في القاهرة، وأصدر الزبيري كتيبًا بعنوان (آمالنا وأمانينا) انتقد فيه نظام الحكم الإمامي، وفي مارس 1955م، قامت مجموعة من الضباط التابعين لحماية مدينة تعز بحركة عسكرية ضد الإمام أحمد وقبل العسكريون أن يبدلوا الإمام أحمد بأخيه عبد الله ولكن المحاولة التي قادها الثلايا فشلت وتمكن الإمام أحمد من الاحتفاظ بالسلطة.
ولم تيأس المعارضة مما حدث لها فاستمرت في نشاطها ضد الإمام أحمد وأصدر الأحرار في القاهرة كتيبًا بعنوان "مطالب الشعب" حيث اعتبر هذا الكتاب مشروعًا لدستور الدولة الحديثة، وبفعل دأب الإمام على شق الصف الوطني شهدت معارضة الأحرار المنطوية تحت مسمى الاتحاد اليمني بعض الانشقاقات.
ومع تزايد زخم المعارضة قام الإمام بالانفتاح على بعض الدول العربية والدول الاشتراكية، أسفر ذلك عن توقيع عدد من الاتفاقيات وعلى الرغم من انفتاح الإمام إلا أنه لم يستطع الحد من آثارها الإيجابية التي تمثلت في المجالات العسكرية والثقافية، كما قام الإمام بإرسال بعض البعثات اليمنية للدراسة في بعض الدول فقاموا بنقل الأفكار التحررية وجلبوها معهم إلى اليمن.
لم تكتف اتجاهات المعارضة بالخطاب السياسي والإعلامي لمعارضة الحكم بل حاولت التخلص من الحكم الإمامي برمته سواء بالاغتيال أو الانقلاب عليه، وقامت المعارضة بعدة محاولات في أعوام 1959، ، 1960، 1961م، إلا أنها جميعًا فشلت ولعل ذلك يرجع إلى عدم التخطيط السليم، أو إلى الارتجال والعشوائية من جانب رجال المعارضة أو غير ذلك، ورغم محاولات الإخفاقات في اغتيال الإمام فقد استمر زخم المعارضة في التصاعد. فبادرت مجموعة من طلاب المدارس والكليات العسكرية الذين توفرت فيهم عوامل ومقدمات النجاح بتأسيس تنظيم الضباط الأحرار وحملوا على عاتقهم بشكل رئيسي مهمة إسقاط الحكم الإمامي، إذ قاموا بإجراء اتصالات واسعة لقوى المعارضة المختلفة سواء داخل اليمن أو بجمهورية مصر العربية.
وبعد موت الإمام أحمد وتسلم البدر السلطة أعلن انتهاجه خط والده في السياسة الأمر الذي جعل الضباط الأحرار يكثفون من لقاءاتهم وتشاورهم من أجل تفجير الثورة، ولم يمر أسبوع واحد على حكم البدر حتى قام الضباط الأحرار بتفجير الثورة، ليعلنوا سقوط النظام الإمامي، وقيام النظام الجمهوري في يـوم 26 سبتمبر عام 1962م.
ونخلص إلى أن المعارضة قد مرت بعدة مراحل:
- مرحلة المعارضة التنويرية التي بدأت في منتصف الثلاثينيات والتي مهدت لقيام حركة شبه منظمة.
- مرحلة المعارضة السياسية المنظمة التي بدأت بتأسيس حزب الأحرار، وإصدار جريدة صوت اليمن في عدن برئاسة الزبيري.
- مرحلة ثورة 1948م التي أدت إلى اغتيال الإمام يحيى، وانتهت بفشل الثورة وسقوط صنعاء بيد الإمام أحمد، والقبائل الموالية له.
- مرحلة نشاط المعارضة بعد ثورة 1948 رغم ما أصاب المعارضة من قتل وسجن وتشريد، وتمثل ذلك في تأسيس الاتحاد اليمني في القاهرة وعدن.
- مرحلة استفادة الأحرار من الخلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة، مما أدى إلى اندلاع حركة 1955م.
- مرحلة غياب التنسيق السياسي والعسكري وتفكك الجبهة الداخلية لعناصر المعارضة ومحاولة إعادة ترتيب صفوفها، بعد الضربات الموجعة أثناء حركة 1955م.
- مرحلة نشاط المعارضة بعد تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي استطاعت به المعارضة أن تسقط الحكم الإمامي وتعلن قيام النظام الجمهوري الحلم الذي طالما داعب خيال الأحرار والثوار اليمنيين لفترة ليست بالقليلة.
الباحث: أ / عبد الوهاب محسن صالح جلبوب.
الدرجة العلمية: ماجستير.
الجامعة: معهد البحوث والدراسات العربية
بلد الدراسة: مصر
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2008
نوع الدراسة: رسالة جامعية
بلد الدراسة: مصر
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2008
نوع الدراسة: رسالة جامعية
التسميات :
كتب يمنية،كتب سياسية